الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالتعامل مع مهندس السوفت وير أو غيره من الأجهزة بنسبة مما يدخله من الربح، قد عده بعض الفقهاء من صور الإجارة الفاسدة للجهالة بقدر الأجرة، وهذا ما ذهب إليه المالكية. قال خليل في المختصر في بيان الإجارة الفاسدة: واعمل على دابتي فما حصل فلك نصفه. قال الخرشي في شرحه: وكذلك تكون الإجارة فاسدة إذا قال له: اعمل على دابتي أو اعمل لي على دابتي أو على سفينتي ... فما حصل من ثمن أو أجرة فلك نصفه. وعلة الفساد: الجهل بقدر الأجرة. انتهى.
وذهب الحنابلة إلى الجواز، قياسا على المساقاة والمزارعة, فإنه يجوز دفع الأرض لمن يزرعها ويقوم عليها بجزء مشاع معلوم مما يخرج منها، ففي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنه قال: عامل النبي صلى الله عليه وسلم أهل خبير بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع.
قال في مطالب أولي النهي: (يصح تشبيها) بشركة (المضاربة: دفع عبد أو) دفع (دابة)، أو آنية، كقربة وقدر، وآلة حرث، أو نورج أو منجل (لمن يعمل به) أي بالمدفوع (بجزء من أجرته). نقل أحمد بن سعيد عن أحمد في من دفع عبده إلى رجل ليكسب عليه، ويكون له ثلث ذلك أو ربعه، فجائز.
ونقل أبو داود عن أحمد في من يعطي فرسه على النصف من الغنيمة: أرجو ألا يكون به بأس، قال أبو عبد الله: إذا كان على النصف والربع فهو جائز "كخياطة ثوب، ونسج غزل، وحصاد زرع، ونفض زيتون، وطحن حب، ورضاع قن أو بهيمة، واستيفاء مال وبناء دار، ونجر خشب بجزء مشاع منه" لأنها عين تنمى بالعمل عليها، فصح العقد ببعض نمائها، كالشجر في المساقاة، والأرض في المزارعة. وهذا المذهب الأخير هو الذي نرى رجحانه لما ذكر من الأدلة.
ومما تجدر ملاحظته أنه إذا حصلت خسارة أو عطب في بعض الأجهزة، فإنها تكون على رب العمل، لأن يد العامل يد أمانة، فلا يضمن إلا إذا فرط. وإذا تقررت إباحة الإجارة المذكورة، فإن تحديد نسبة العامل من الربح يبقى خاضعا لما يتم عليه الاتفاق بينه وبين رب العمل.
وينبغي لكل منها أن يتسامح مع الآخر، عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم : رحم الله رجلا سمحا إذا باع, وإذا اشترى, وإذا اقتضى . والحديث في صحيح البخاري وغيره عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.