الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد بينا من قبل حرمة بيع أعضاء الإنسان، ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 632.
والشخص المدين إن كان معسرا حقيقة فإن غرماءه إذا حبسوه كان ذلك ظلما، ومخالفة لما أمر الله به من إنظار المعسر، قال الله تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ {البقرة:280}.
وإذا لم يجد من ينصفه واضطر اضطرارا حقيقيا إلى بيع العضو، -وحد الضرورة هو ما يغلب على الظن وقوع المرء بسببه في الهلكة، أو أن تلحقه بسببه مشقة لا تحتمل- فليقارن حينئذ بين الضررين، وليعمل بأخفهما. فإن من قواعد الشريعة ارتكاب أخف الضررين إن لم يمكن تجنبهما.
قال الولاتي: لأن الشريعة مبنية على جلب المصالح ودفع المفاسد، وتندرج تحت هذه القاعدة، قاعدة: ارتكاب أخف الضررين.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: إذ الشريعة مبناها على تحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، والورع ترجيح خير الخيرين بتفويت أدناهما، ودفع شر الشرين وإن حصل أدناهما.
هذا ولا شك أن السجن إذا لم يكن مؤبدا أو إلى أمد طويل فإنه أهون من ذهاب العضو المتبرع به.
والله أعلم.