الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد جاء في الصحيحين وغيرهما واللفظ لمسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيتي (تعني في مرضه الذي توفي فيه) قال: مروا أبا بكر فليصل بالناس، قالت: فقلت: يا رسول الله: إن أبا بكر رجل رقيق إذا قرأ القرآن لا يملك دمعه فلو أمرت غيره، وفي رواية فلو أمرت عمر، قالت والله ما بي إلا كراهة أن يتشاءم الناس بأول من يقوم في مقام النبي صلى الله عليه وسلم، قالت فراجعته مرتين أو ثلاثا، فقال: ليصل بالناس أبو بكر فإنكن صواحب يوسف" وفي رواية":فصلى بهم أبو بكر حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
وكان قد صلى بهم عمر قبل ذلك في بداية مرضه صلى الله عليه وسلم مرة، فقد روى أحمد وأبو داود والحاكم وغيرهم واللفظ لأبي داود عن عبد الله بن زمعة قال: لما استعز رسول الله صلى الله عليه وسلم (اشتد به المرض) وأنا عنده في نفر من المسلمين دعاه بلال إلى الصلاة، فقال مروا من يصل بالناس فخرج عبد الله بن زمعة فإذا عمر في الناس، وكان أبو بكر غائبا، قال: فقلت يا عمر قم فصل بالناس، فتقدم فكبر فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته وكان عمر رجلا مجهرا، قال: فأين ابو بكر يأبى الله ذلك والمسلمون يأبى الله ذلك والمسلمون، فبعث إلى أبي بكر فجاء بعد أن صلى عمر تلك الصلاة فصلى بالناس.
والحديث صححه الألباني وغيره.
وفي رواية فقال عمر لعبد الله بن زمعة: ويحك ماذا صنعت بي يا ابن زمعة؟ والله ما ظننت حين أمرتني إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بذلك، ولو لا ذلك ما صليت بالناس، فقال ابن زمعة والله ما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن حين لم أر أبا بكر رأيتك أحق من حضر بالصلاة بالناس.
وعلى هذا، فالذي كان يصلي بالناس في مرض النبي صلى الله عليه وسلم هو أبو بكر ولكن عمر صلى بهم مرة في أول الأمر وفي غياب أبي بكر رضي الله عنهما
وقد فهم الصحابة رضوان الله عليهم من أمر النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر خاصة وإصراره على ذلك أحقيته بالخلافة من بعده، ولذلك اختاروا لسياستهم من اختاره النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة بهم، فبايعوه بالخلافة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة.
والله أعلم.