الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالله -جلَّ وعلا- يقول: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ {الطور: 21}. وما ألحق به إلا لتقر به عينه، فكل منهما عارف بالآخر.
قال الإمام ابن كثير -رحمه الله- في تفسير هذه الآية: يخبر تعالى عن فضله وكرمه وامتنانه ولطفه بخلقه وإحسانه، أن المؤمنين إذا اتبعتهم ذرياتهم بالإيمان، يلحقهم بآبائهم في المنزلة، وإن لم يبلغوا عملهم لتقر أعين الآباء بالأبناء عندهم في منازلهم، فيجمع بينهم على أحسن الوجوه، بأن يرفع الناقص العمل بكامل العمل، ولا ينقص ذلك من عمله ومنزلته للتساوي بينه وبين ذاك. اهـ.
وقال تعالى: وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ {الحجر: 47}، وإذا لم يتم التعارف فما الفائدة من نزع الغل من الصدور؟ فالحاصل أن أهل الجنة يعرف بعضهم بعضاً إذا كانوا على علاقة في الدنيا، وهذا من تمام النعيم.
وقد قال تعالى: وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ {الزخرف: 71}، وأي شيء أشهى إلى النفس، وألذ للناظر من أن ترى حبيبك في الدنيا، وهو يشاركك ما أنت فيه من نعيم مقيم.
والله أعلم.