الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أحسنت في قولك إنك مؤمن بالإسلام كدين حق أنزله الله، ونسأل الله أن يحفظك في دينك وأن يرزقك الاستقامة على الحق والثبات عليه، واعلم أن مقتضى هذا الإيمان أن تعتقد أن تشريعات هذا الدين قد اشتملت على مصالح الخلق في معاشهم ومعادهم، علم الخلق ذلك أو جهلوه، لأن الله تعالى أخبر بكمال هذا الدين وأنه نعمة من النعم، قال الله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا {المائدة:3}، هذا أولاً.
ثانياً: من مقتضى هذا الإيمان اعتقاد أن هذا الدين شامل في تشريعه لأمور الدين وأمور الدنيا، قال الله تعالى: قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {الأنعام:162}، فلا يجوز أن يقال: ما علاقة الدين وشؤون حياة الناس.
ثالثاً: أن حفظ الضروريات الخمس أمر متفق عليه في جميع الشرائع السماوية، وأقره أصحاب العقول السليمة والفطر المستقيمة، ومن هذه الضروريات حفظ العرض، وجعل الشرع كثيراً من الوسائل لتحقيق ذلك، ومن هذه الوسائل ما ذكرت من أمر الأخلاق والعفة والحشمة، وفي هذا من مصالح الخلق الدنيوية ما لا يخفى فضلاً عن مصالح الآخرة، وبهذا يتضح الأمر الرابع وهو: أن الشرع إذا لم يأمر بحسن الأخلاق ولم ينه عن سيئها لحصل من الاعتداء والظلم على الإنسان في نفسه وأهله ما لا يرضاه، وإذا لم يرض ذلك في نفسه وأهله فكيف يرضاه لغيره، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 32928، 72497، 56149، وراجع في أضرار العادة السرية (الاستمناء) الفتوى رقم: 7170.
خامساً: أن الواقع خير شاهد على أن كل أمة لا تراعي أسس ومبادئ الأخلاق يحدث فيها من الفوضى والفساد ما لا يخفى، ومن الضرر والوبال ما لا يحصى، حتى أن بعض أتباع الملل الكافرة قد نبه إلى خطورة مثل هذا الإنفلات، وقد نقل جملة من أقوالهم الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، في رسالته (خطر مشاركة المرأة للرجل في ميدان عمله).
وندعو في ختام هذا الجواب الشباب المسلم إلى شغل فراغه بما ينفعه في دينه ودنياه، وأن يحرص على صحبة الأخيار ويجتنب صحبة الأشرار، وتراجع الفتوى رقم: 11465.
والله أعلم.