الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان الصغار من الورثة قد بلغوا فإن الأولى أن تتسامحوا فيما بينكم عن ما استهلكتموه من التركة في هذه المدة، وخاصة إذا كان يعسر حسابه.
وقد قال الله عز وجل: وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {البقرة: 237}
ثم بعد ذلك تقتسمون الموجود من التركة على النحو التالي:
للزوجة (والدتكم) ثمن التركة فرضا لقوله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ {النساء: 12} والباقي للأبناء تعصيبا يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، كما قال الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ {النساء: 11}
أما إذا لم يحصل تسامح أو لم يكن الأولاد بالغين فإنه لا بد من حساب ما استهلكه كل واحد من الورثة واعتباره دينا عليه لبقية الورثة فإذا قسمت التركة خصم من نصيبه .
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.