الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا مات الواهب قبل أن يقبض الموهوب له الهبة فهل تبطل الهبة أم يقوم الورثة مقام الواهب في الإذن بالقبض والفسخ، مسألة اختلف فيها أهل العلم، كما جاء في المغني: وإذا مات الواهب أو الموهوب له قبل القبض بطلت الهبة. وقال أبو الخطاب إذا مات الواهب قام الورثة مقامه في الإذن في القبض والفسخ وهذا قول أكثر أصحاب الشافعي. وعليه فقبضكما قطعتي الأثاث بعد موت خالتكما لا عبرة به، إلا أن يجيز ذلك الورثة على القول الثاني. وعلى القول الأول لا حق لكما فيه ولو أجاز ذلك الورثة.
أما عن معطف الفراء المذكور فيجب إرجاعه إلى التركة، وعليك إخبار من أعطيتها إياه بأن ترده إلى التركة، فإنه لا يحل لها أن تتملكه لأنه ملك للورثة، وبالنسبة لوصية المتوفاة بأن توزع ثيابها أو أثاثها على الفقراء، فإذا كانت هذه الوصية قد استوفت شروط الوصية التي تثبت بها شرعاً من الإشهاد عليها أو من قولها هذه وصيتي فنفذوها أو ما أشبه ذلك، فإنها تعتبر وصية شرعية يجب تنفيذها في حدود الثلث.
أما مجرد نيتها أن توصي بدون إيجاب صريح كأوصيت لها بكذا أو أعطوها بعد موتي كذا فلا تصح أن تكون مجرد النية وصية، فالوصية يشترط لها صيغة إما إيجاب صريح أو كناية مع النية ومنها الكتابة كما جاء في مغني المحتاج: وصيغتها أوصيت له بكذا أو ادفعوا إليه أو أعطوه بعد موتي... وتنعقد بكناية والكتابة كناية. انتهى.
ولا يشترط أن تكون مكتوبة وإن كان يستحب ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده. متفق عليه، وهذا لفظ البخاري.
قال الإمام النووي رحمه الله في شرحه لصحيح مسلم: قال الشافعي رحمه الله تعالى: معنى الحديث ما الحزم والاحتياط للمسلم إلا أن تكون وصيته مكتوبة عنده ويستحب تعجيلها وأن يكتبها في صحته ويشهد عليه فيها، ويكتب فيها ما يحتاج إليه فإن تجدد له أمر يحتاج إلى الوصية به ألحقه بها. انتهى.
والله أعلم.