الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحديث الذي أشرت إليه ذكره الإمام مسلم في صحيحه، وهو مشتمل على الأمر بتلاوة القرآن حتى يكون شافعا لقارئه، لكن هذه الشفاعة مقيدة بقارئ القرآن الذي يعمل به ويطبقه في حياته بدليل قوله صلى الله عليه وسلم : يؤتى القرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به تقدمه سورة البقرة وآل عمران، وضرب لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أمثال ما نسيتهن بعد، قال: كأنهما غمامتان، أو ظلتان سوداوان بينهما شرق، أو كأنهما حزقان من طير صواف تحاجان عن صاحبهما . رواه مسلم والترمذي وغيرهما .
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي : قوله ( يأتي القرآن ) أي يوم القيامة ( وأهله ) عطف على القرآن ( الذين يعملون به ) دل على من قرأ ولم يعمل به لم يكن من أهل القرآن ولا يكون شفيعا لهم؛ بل يكون القرآن حجة عليهم . انتهى .
لكن قارئ القرآن الذي تصدر منه بعض المعاصي يكتب له ثواب تلاوته وإن كان ذلك ثوابا ناقصا لا يصل إلى درجة القارئ المستقيم على أوامر الله تعالى ، وراجع المزيد في الفتوى رقم : 51358 ، فاجتهتد في نصح أصدقائك مذكرا إياهم بخطورة ارتكاب المعاصي، وبكون حفظهم للقرآن ينبغي أن يكون رادعا لهم عن الإقدام على المعصية، وليس مبررا للوقوع فيها، فالمقصود من الحديث الأمر بتلاوة القرآن والعمل به حتى يكون شافعا لقارئه، وإن كان القارئ يثاب على تلاوته وإن ارتكب بعض المعاصي والمنكرات، وللفائدة راجع الفتوى رقم : 64225 .
والله أعلم .