الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الخلاف في أمور الدنيا لا يسوغ ترك الصلاة في الجماعة، ولا يقدح في الإمامة، فإن كان الخلاف فيما يتعلق بالدين، فإن كان الإمام من أهل البدع فقد سبق التفصيل في حكم الصلاة خلف المبتدع في الفتوى رقم: 53394، والفتوى رقم: 12270، وإن لم يكن من أهل البدع لكنه فاسق فقد اختلف العلماء قديما في صحة الاقتداء بالفاسق مع اتفاقهم على كراهة تقديمه لإمامة الناس إن وجد غيره، والذي يترجح من خلافهم هو أنه إذا كان فسقه فيما لا يتعلق بالصلاة صح الاقتداء به مع الكراهة.
قال الشافعي في الأم: وكذلك أكره إمامة الفاسق والمظهر البدع، ومن صلى خلف واحد منهم أجزأته صلاته ولم تكن عليه إعادة إذا أقام الصلاة انتهى. وفي التاج والإكليل في الفقه المالكي عند كلامه على الخلاف في إمامة الفاسق: وقال القباب: أعدل المذاهب أنه لا يقدم الفاسق للشفاعة والإمامة، ومن صلى خلفه لا إعادة عليه إن كان يتحفظ على أمور الصلاة.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: الأئمة متفقون على كراهة الصلاة خلف الفاسق، لكن اختلفوا في صحتها فقيل لا تصح كقول مالك وأحمد في إحدى الروايتين عنهما، وقيل بل تصح كقول أبي حنيفة والشافعي والرواية الأخرى عنهما، ولم يتنازعوا أنه لا ينبغي توليته. انتهى. وللفائدة في هذا المعنى انظر الفتوى رقم: 34935 ، وخلاصة القول أن رجوع الشخص المذكور عن صلاة الجماعة لا يجوز إن كان خلافه مع الإمام دنيويا وكذلك إن كان دينيا والإمام ممن تصح الصلاة خلفه على نحو ما قدمنا، اللهم إلا إذا كان سيجد جماعة آخرين يصلي معهم لأنه غير ملزم بالصلاة في مسجد معين.
والله أعلم.