الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنا ننصحك بسؤال الله الهداية والتوفيق والاستقامه فأكثر من الدعاء بما في صحيح مسلم: اللهم أني اسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى. والدعاء بقوله تعالى: رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا {آل عمران:8}.
ثم إنا ننبهك إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم بشر من البشر، ومن الصفات الممدوحة في البشر قوة الرجولة عند الرجل، فكونه يتزوج عدة نساء من مظاهر كمال رجولته، وكونه يحب الجمال مسألة طبيعية في البشر، وأما كونه تزوج أساساً لتحقيق مصالح كبرى ككفالة أرامل كما في زواجه من أم سلمة وحفصة وزينب بنت جحش، أو لتأليف بعض القبائل كما في زواجه بجويرية وصفية، فهذا ما لا يستطيع أحد إنكاره ولا يضره كون من تزوجهن جميلات، وما أعظم نتائج زواجه بجويرية على بني المصطلق حيث أعتق منهم مائة بيت وأحبو الإسلام واهتدوا به، ويدل لهذا أنه لو كان همه مجرد التمتع بالنساء لتزوج من الأبكار ما شاء، ولكنه ما كان منساقاً وراء الشهوات فهو الذي مكث مدة ريعان شبابه حتى جاوز الخمسين ولم يتزوج إلا امرأة واحدة تكبره سناً بكثير، ولما جاء المدينة كان الأنصار يحبونه حباً جماً، ومع ذلك لم يتزوج منهم ولا امرأة واحدة، ولم يتزوج بكراً غير عائشة رضي الله عنها، وكان صلى الله عليه وسلم في شبابه يتحنث بغار حراء بعيداً عن زوجته وكان يعتكف في المدينة ويترك التمتع بنسائه ويسافر عنهن في أسفاره التي كان يسافرها مجاهداً في سبيل الله، بل كان يبيت مع عائشة وهي أحب النساء إليه ويترك معاشرتها ويشتغل بقيام الليل وبزيارة المقابر كما ثبتت الرواية عنها بذلك.
وأما ما روى أحمد والحاكم أنه تزوج امرأة فرأى بكشحها بياضاً إلى آخره، فهو حديث ضعيف ضعف سنده الذهبي والهيثمي وقال فيه الألباني في كتابه الإرواء: ضعيف جداً.
والله أعلم.