الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا زكاة في المستخرج من البحر، وإنما تجب الزكاة فيه إذا بيع وحصل منه نصاب وحال عليه الحول، وقد بين ذلك ابن قدامة رحمه الله في المغني فقال (1911): فصل: ولا زكاة في المستخرج من البحر، كاللؤلؤ والمرجان والعنبر ونحوه، في ظاهر قول الخرقي، واختيار أبي بكر، وروي نحو ذلك عن ابن عباس، وبه قال عمر بن عبد العزيز، وعطاء، ومالك، والثوري، وابن أبي ليلى، والحسن بن صالح، والشافعي، وأبو حنيفة، ومحمد، وأبو ثور، وأبو عبيد، وعن أحمد رواية أخرى، أن فيه الزكاة، لأنه خارج من معدن، فأشبه الخارج من معدن البر، ويحكى عن عمر بن عبد العزيز أنه أخذ من العنبر الخمس، وهو قول الحسن، والزهري، وزاد الزهري في اللؤلؤ يخرج من البحر، ولنا أن ابن عباس قال: ليس في العنبر شيء، إنما هو شيء ألقاه البحر، وعن جابر نحوه، رواهما أبو عبيد، ولأنه قد كان يخرج على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه، فلم يأت فيه سنة عنه، ولا عن أحد من خلفائه من وجه يصح، ولأن الأصل عدم الوجوب فيه، ولا يصح قياسه على معدن البر، لأن العنبر إنما يلقيه البحر، فيوجد ملقى في البر على الأرض من غير تعب، فأشبه المباحات المأخوذة من البر، كالمن والزنجبيل وغيرهما، وأما السمك فلا شيء فيه بحال، في قول أهل العلم كافة، إلا شيء يروى عن عمر بن عبد العزيز. رواه أبو عبيد عنه، وقال: ليس الناس على هذا، ولا نعلم أحداً يعمل به. وقد روي ذلك عن أحمد أيضاً، والصحيح أن هذا لا شيء فيه، لأنه صيد، فلم يجب فيه زكاة كصيد البر، ولأنه لا نص ولا إجماع على الوجوب فيه، ولا يصح قياسه على ما فيه الزكاة، فلا وجه لإيجابها فيه. انتهى.
والله أعلم.