الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمبلغ الذي صرف لك على وجه الخطأ لا يحل لك تملكه، وعليك رده إلى الجهة التي صرف منها؛ لحديث:على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه الترمذي.
ونزول هذا المبلغ في حسابك يجعلك ملزمة برده، ولا يصح أن تتصدقي به لأنه لا يتصدق بمثل هذا المال ما دامت الجهة المسؤولة عنه موجودة ويمكن رده .
وفي الصورة المذكورة إن أمكن رد هذا المال بدون أن ينال الموظف المذكور ضرر فإن ذلك متعين، وذلك بجعله في ظرف ودفعه إلى الخازن الأمين أو إلى المدير، وإخباره بأن هذا المال وصل أحد الناس خطأ بدون أن يعرفه شخصيا، فإن تعذر العمل بهذه الحيلة فالرد واجب، ولو تضرر الموظف المسؤول عن صرفه إذا كان ولا بد أن يتضرر، لأن المسألة دائرة بين أن يقام الواجب وهو رد المال إلى صاحبه وبين توقع ضرر الموظف، فتقديم الواجب هو المتعين هنا.
وأمثلة ذلك في الشريعة كثيرة.
فمن ذلك جرح الشهود عند الحكام واجب مع أنه يلحقهم ضرر بهذا الجرح. يقول الإمام العز بن عبد السلام: جرح الشهود عند الحكام فيه مفسدة هتك أستارهم؛ لكنه واجب لأن المصلحة وحفظ الحقوق من الدماء والأموال والأعراض والأبضاع والأنساب وسائر الحقوق أعم وأعظم. اهـ.
وفي حال تعذر الرد فمصير هذا المال هو صرفه في مصالح المسلمين العامة، ومن ذلك التصدق به على الفقراء، وإذا كان أخوك يشمله وصف الفقر فلا حرج في الدفع إليه.
والله أعلم.