الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما ذكرت أنك تقوم به من جلي الكؤوس المستخدمة لشرب الخمر، وأن الكؤوس لا تكون فارغة فتقوم أنت بسكب محتواها ثم جليها وجلي كل الأدوات وتنظيف الآلات المستخدمة في تحضير تلك الأنواع من المعجنات... وما ذكرته من شتم العصاة وغيرهم من اليهود للذات الإلهية والدين والرسول -صلى الله عليه وسلم-... وما ذكرته من أنه لم يكن هناك مكان لتصلي فيه إلا غرفة المخزن التي تحوي على الخمور... أقول: إن كل مسألة مما ذكرته كافية وحدها لتجعل إقدامك على العمل في المحل المذكور غير مباح. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم:2049، وفتوانا رقم:34367، وفتوانا رقم:52052، وفتوانا رقم:63874. وهذه الفتاوى فيها الجواب على جميع أسئلتك ما عدا سؤالك الرابع.
وأما السؤال الرابع، فجوابه أنك إن كنت جاهلا بالحكم الشرعي أثناء عملك الأول فإن المرتب الذي كنت تتقاضاه لا حرج عليك في استعماله إن كنت تبت إلى الله بعد ما علمت بحرمة العمل في ذلك المجال، فإن الله تعالى يقول في حق المال المكتسب من الربا: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {البقرة :275}. والأورع لك أن تتخلص منه في شيء من أوجه الخير والبر، لأن أبا بكر الصديق رضي الله عنه لما أخبره غلامه أنه أطعمه طعاما أخذه من شخص قد تكهن له الغلام في الجاهلية، لما أخبره بأصل هذا الطعام أدخل أبو بكر يده في فيه فقاء كل شيء في بطنه. والقصة في صحيح البخاري.
وأما إذا كنت عالما بحرمة العمل في ذلك المجال أثناء عملك فيه فإنه يجب عليك أن تتخلص من جميع ما عندك من هذا المال بصرفه في مصالح المسلمين كدفعه للفقراء والمساكين، وأن تتوب إلى الله تعالى توبة نصوحا وتكثر من الاستغفار والأعمال الصالحة عسى الله أن يتوب عليك، وإذا كنت أنت فقيرا فلك أن تأخذ منه قدر ما تسد به حاجتك إلى مظنة اليسر.
والله أعلم.