الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننبه بداية إلى أن التأمين التجاري محرم لقيامه على الميسر والغرر، ولا يجوز أن يستفاد منه إلا في حدود ما دفعه المؤمن، وما زاد على ذلك فإنه يصرف في مصالح المسلمين، وقد تقدم تفصيل ذلك في الفتوى رقم:54836، والفتوى رقم: 472 ، وأما التأمين التعاوني القائم على التكافل والتعاون وهو المعروف بالتأمين الإسلامي فلا حرج فيه، ويجوز الاستفادة من التعويض المترتب عليه، وراجع في ذلك الفتوى رقم:16282، والفتوى رقم: 24415.
والذي فهمناه من السؤال أن مالك السيارة كان قد أمن عليها تأمينا شاملا، والذي ارتكب الحادث هو أخوه، وأن شرط الحصول على التعويض أن يكون مالك السيارة موجودا بالسيارة أو قائدا للسيارة وقت الحادث، فإذا كان الأمر كذلك، فإذا كان هذا التأمين تأمينا تجاريا فالعقد الذي بينه وبين شركة التأمين عقد فاسد، وقد قال تعالى في عقد الربا الذي هو أصل العقود الفاسدة: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ {البقرة: 279}
وبناء على هذا، فلمالك السيارة أن يأخذ من شركة التأمين ما دفع لها سواء على هذه السيارة أو غيرها مما لم يسترده منها في إصلاح أو نحوه، وإذا كان لا يستطيع الوصول إلى حقه إلا بالكذب عليهم في شأن تواجده بالسيارة وقت الحادث فلا بأس بذلك، وهذا ما يعرف عند العلماء بمسألة الظفر. وقد فصلنا الكلام عليها في الفتوى رقم:28871، وعليه بالتخلص من المبلغ الزائد عن حقه من هذا التعويض بإنفاقه في مصالح المسلمين كإعانة الفقراء والمساكين ونحو ذلك، وليحذر من إمساكه والانتفاع به فإنه مال حرام، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: كل لحم نبت من السحت فالنار أولى به. وراه أحمد والدارمي، وراجع الفتوى رقم:57202، والفتوى رقم: 54826.
أما إذا كان هذا التأمين تأمينا تعاونيا إسلاميا فإذا كانت شركة التأمين قد اشترطت للحصول على التعويض أن يكون مالك السيارة موجودا بالسيارة أو قائدا للسيارة وقت الحادث، فلا يجوز الكذب أو التحايل في ذلك للحصول على التعويض لعموم الأدلة الدالة على تحريم الكذب والأمر بالوفاء بالعقود. وراجع الفتوى رقم: 29762.
ولمالك السيارة أن يضمن أخاه ثمن هذه السيارة، فإن كان أخوه عاجزا عن ذلك بقي ثمنها في ذمته إلى حين القدرة، وراجع لزاما الفتوى رقم:9287، والفتوى رقم:1084 ، والفتوى رقم: 9413.
والله أعلم.