الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليس للزوجة الحق في الامتناع من الانتقال مع زوجها حيث شاء، ما لم تكن اشترطت ذلك في العقد، فإن انتقالها مع زوجها واجب لأنه نوع من التمكين الذي يجب بمقتضى العقد، وليس لها أن ترفض السفر معه حيث شاء، وكونها تبقى في البيت وحدها حال عمله، ليس عذرا يبيح لها عدم طاعة زوجها ما دامت آمنة على نفسها.
ويحرم عليها منعه من نفسها، فقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إلاّ كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضي عنها .
كما أن طلب الزوجة الطلاق بغير عذر فيه وعيد شديد سبق بيانه في الفتوى رقم: 35085.
ولا يباح لها طلب الطلاق إلا في حال العذر، ومن ذلك أن تخاف أن لا تقيم حدود الله مما أوجبه عليها تجاه زوجها، وهذا الخوف يحصل للكارهة لزوجها كرها شديدا، بحيث لا تطيق العيش معه، أما الكره المؤقت بسبب مشكلة ما فلا يحصل معه به هذا الخوف عادة، وعلى العموم فمتى حصل ذلك الخوف فإنه يباح للزوجة طلب الطلاق، أو الخلع من الزوج.
قال في تحفة الحبيب من الشافعية مبينا ما على الزوجة من الحق للزوج وما لها من الحق عليه: الْحَقُّ الْوَاجِبُ لِلزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ أَرْبَعَةٌ: طَاعَتُهُ, وَمُعَاشَرَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ, وَتَسْلِيمُ نَفْسِهَا إلَيْهِ, وَمُلَازَمَةُ الْمَسْكَنِ. وَالْحَقُّ الْوَاجِبُ لَهَا عَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ أَيْضًا: مُعَاشَرَتُهَا بِالْمَعْرُوفِ, وَمُؤْنَتُهَا, وَالْمَهْرُ, وَالْقَسْمُ.اهـ
وأخيرا ننصح الزوج بالحكمة والصبر على الزوجة وأن يحسن إليها ويطيب خاطرها حتى تعود إلى سابق عهدها. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.