الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن المعروف أن الأولى بالإمامة هو أقرأ القوم لكتاب الله تعالى؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله وأقدمهم قراءة، فإن كانوا في القراءة سواء فليؤمهم أقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء، فليؤمهم أكبرهم سنا، ولا يؤم الرجل في بيته ولا في سلطانه، ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه، قال شعبة: فقلت لإسماعيل: ما تكرمته؟ قال: فراشه . رواه مسلم وأصحاب السنن واللفظ لأبي داود.
قال في عون المعبود شرح سنن أبي داود عند شرح هذا الحديث: الظاهر أن المراد أكثرهم له حفظا، ويدل على ذلك ما رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح عن عمرو بن سلمة قال: انطلقت مع أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بإسلام قومه فكان فيما أوصانا: ليؤمكم أكثركم قرآنا فكنت أكثرهم قرأنا فقدموني . وأخرجه أيضا البخاري وأبو داود والنسائي . وقيل أحسنهم قراءة وإن كان أقلهم حفظا، وقيل أعلمهم بأحكامه . انتهى .
وعليه؛ فإذا كان الأكثر حفظا يرتدي ملابس ليست محددة بأن كانت واسعة بحيث لا تصف الأعضاء فهو أولى بالإمامة لأنه أكثر قرآنا، وليس فيه ما يمنع أولويته بالإمامة، أما إذا كانت ملابسه ضيقة بحيث تصف الأعضاء فالظاهر أن الأولى هنا الأقل حفظا إذا كان خطؤه في القراءة لا يصل إلى ما تبطل به الصلاة، لأنه يحفظ بعض القرآن ويلتزم الملابس المناسبة للصلاة، لأن اللباس له اعتباره أيضا، ولأن الأكثر حفظا متلبس بكراهة بلباسه ما يحدد عورته، وقد ذكر فقهاء المذهب المالكي: أن الأولى بالإمامة إذا تلبس بما يمنع الاقتداء به أو يصيره مكروها سقط حقه في التقدم على غيره، ولذلك قال خليل في مختصره بعد أن عدد الصفات التي يقدم في الإمامة من توفرت فيه على من لم تتوفر فيه: ..... إن عدم نقصا بمنع أو كره . انتهى .
وقد تقدم في الفتوى رقم : 32227 ، كراهة صلاة الرجل في البنطال الضيق، أضف إلى ذلك أن الكثير من الناس يكره الاقتداء بمن يلبس الملابس الضيقة، وبالتالي قد يصير من يتقدم وهو في هذا النوع من اللباس مكروها عند المأمومين أو عند بعضهم بسبب معتبر شرعا، وقد فصلنا في الفتوى رقم : 6359 ، كلام أهل العلم في إمامة من يكره .
والله أعلم .