الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كانت الأخت السائلة قد نذرت أن تتصدق على الفقراء بمبلغ من المال أي الفلوس إن شفاها الله تعالى ثم حصل الشفاء، فإن عليها أن تفي بنذرها حسبما نذرت ولا يجوز لها أن تدفع غير الفلوس لا طعاماً ولا غيره، ومن أهل العلم من جوز إخراج القيمة، قال ابن نجيم الحنفي: والحاصل أن الحي إذا نذر بالتصدق بمال نفسه فتصدق بمثله أو قيمته ففيه روايتان. انتهى من البحر الرائق شرح كنز الرقائق.
فإن كانت الجمعية التي دفعت لها المبلغ مأمونة موثوقاً بها وأخبرت الأخت المسؤولين عن الجمعية أنها نذرت أن تدفع الفلوس، وأخذوها منها على هذا الوجه فإن هذا يعتبر كافياً للوفاء بالنذر ولو كانت الكوبونات التي أخذت عليها إفطار صائم، لأن هؤلاء صاروا وكلاء على صرف هذا المال للجهة المعينة في النذر وهم مؤتمنون على ذلك ما داموا محل ثقة، كما هو الحال في الزكاة، إلا إذا كان أخذ الكوبونات التي عليها إفطار صائم يعني أنهم سيخرجون النذر طعاماً، فإن ذلك غير مجزئ في حق من نذر أن يخرج فلوساً، عند من يشترط ذلك كما تقدم، ولتنظر في الفتوى رقم: 67854.
وإن كان قصدها عند النذر أن تدفع للفقراء شيئاً فلوساً أو غيرها فعند ذلك يجزئها إخراج الطعام وغيره، قال النووي في المجموع في الفقه الشافعي: ولو قال: إن شفى الله مريضي فلله علي أن أتصدق بشيء صح نذره ويجزئه التصدق بما شاء من قليل وكثير. انتهى.
مع أنها لو دفعت المال بنفسها إلى الفقراء كان ذلك أبلغ في الاطمئنان على إيصال الحق إلى أهله، ثم إن قبول العمل أمر غيبي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، لكن إذا توفرت في العمل شروط القبول التي منها أن يكون الباعث عليه ابتغاء مرضاة الله تعالى، وكان المال المنفق حلالاً طيباً، فإن الله لا يضيع أجر المحسنين. ومع أن قبول الأعمال أمر غيبي فإن المؤمن مطالب بالحرص على أن يكون عمله مقبولاً عند الله تعالى ويأخذ بأسباب ذلك، نسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومن الأخت السائلة صالح الأعمال، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 27782، والفتوى رقم: 28592.
والله أعلم.