الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالجرح والتعديل علم يعنى بالرجال الناقلين لحديث النبي صلى الله عليه وسلم والآثار والأخبار، والنظر في شرائط قبولهم، وأسباب ردهم، فما استوفى من الأسانيد شروط الصحة حكم بقبوله، وما كان فيه سبب أو أكثر من أسباب الرد رد.
مثال الحديث المستوفي لشروط الصحة ما أخرجه البخاري قال: حدثنا مسدد عن يحيى عن سفيان حدثني عبد الله بن دينار، قال سمعت ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما أجلكم في أجل من خلا من الأمم كما بين صلاة العصر ومغرب الشمس، ومثلكم ومثل اليهود والنصارى كمثل رجل استعمل عمالاً فقال من يعمل لي إلى نصف النهار على قيراط فعملت اليهود، فقال من يعمل لي من نصف النهار إلى العصر فعملت النصارى، ثم أنتم تعملون من العصر إلى المغرب بقيراطين قيراطين، قالوا: نحن أكثر عملاً وأقل عطاء، قال: هل ظلمتكم من حقكم، قالوا: لا، قال: فذاك فضلي أوتيه من شئت. فمسدد وثقه يحيى بن معين والنسائي وغيرهما، ويحيى قال عنه ابن مهدي لا ترى عيناك مثله -يعني في الضبط والعدالة- وسفيان وثقه مالك وغيره، وعبد الله بن دينار وثقه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وغيرهما، وابن عمر رضي الله عنه هو من الصحابة ورتبتهم هي أسمى مراتب العدالة والتوثيق.
ومثال الحديث الذي لم يستوف شروط الصحة ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده قال: حدثنا أبو عبد الرحمن ثنا عبد الله بن عياش عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من وجد سعة فلم يضح فلا يقربن مصلانا. فأبو عبد الرحمن وثقه النسائي وغيره، وعبد الله بن عياش ضعفه أبو داود السجستاني والنسائي. وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج وثقه ابن معين وغيره، وأبو هريرة رضي الله عنه هو من الصحابة ورتبتهم هي أسمى مراتب العدالة والتوثيق. فقد رأيت أن في رواة هذا الحديث من لم يوثق، وبالتالي فهو لم يستوف شرط الصحة، ويمكنك أن تراجعي للاستزادة من هذا الفن الكتب المذكورة في الفتوى رقم: 26226.
والله أعلم.