الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:
فإنه لا شك أن تفسير القرآن الكريم منزلة عظيمة، يحتاج صاحبها إلى رسوخ قدمه في عدد من العلوم؛ وخاصة علوم القرآن، وعلوم اللغة العربية، وقواعدها، وأصول الشريعة ومقاصدها، وقد جاء التحذير من تفسير القرآن الكريم بالرأي، ولمن لم يكن عالمًا بأصول التفسير وقواعده، ففي صحيح مسلم: أن رجلًا جاء إلى عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، فقال له: تركت في المسجد رجلًا يفسر القرآن برأيه... فقال عبد الله: من علم علمًا، فليقل به، ومن لم يعلم، فليقل: الله أعلم، فإن من فقه الرجل أن يقول لما لا علم له به: الله أعلم. وفي جامع الترمذي مرفوعًا: من قال في القرآن برأيه، فأصاب، فقد أخطأ. وفي رواية: فليتبوأ مقعده من النار. قال ابن تيمية في الفتاوى: .. لأنه لم يأت الأمر من بابه، فهو كمن حكم بين الناس على جهل في النار، وإن وافق حكمه الصواب.
وأما نقل التفسير عن السلف الصالح، كابن عباس، وغيره، فلا مانع منه، بل هو الأفضل، ولكن على الناقل أن يتثبت من صحة النقل، وينسب الأقوال إلى قائلها، ويبين المصادر والمراجع التي أخذ منها؛ وبذلك تبرأ ذمته، ما دام المصدر الذي أخذ عنه مصدرًا موثوقًا به.
والله أعلم.