الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا ينبغي لوالد البنت أن يمنعها الزواج بحجة الدراسة، وكثير من الآباء يقعون في أخطاء من هذا القبيل، حيث يحرصون على دنيا بناتهم ولا يحرصون على دينهن، فيمنعونهن الزواج لإكمال دراستهن ولا يأخذون بالحسبان الفتن التي تعصف ببناتهم، وتلف بهن من كل حدب وصوب. وقد يقعن في الحرام وسخط الله، وهم لا هم لهم إلا إكمال الدراسة والتوظيف. وهذا خلل كبير وتفريط في الأمانة المناطة بالآباء، بل يحرم على الأب إذا احتاجت بنته الزواج وتقدم لها كفء أن يمنعها الزواج وهذا هو التوجيه النبوي، ومخالفته هو الفساد العريض الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. أخرجه الترمذي وابن ماجه وغيرهما من حديث أبي هريرة. وعن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا علي ثلاث لا تؤخرها: الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت لها كفؤا. رواه الترمذي، وحسنه بعض أهل الحديث.
كذلك فإن على البنت أن لا ينسيها حب الوظيفة الأمور التي يصلح بها الدين والدنيا، فإن استطاعت الجمع بين الوظيفة التي تتقيد فيها بضوابط الشرع وأحكامه، وبين الزواج، فإن ذلك هو الأفضل لها.
وإن لم تستطع ذلك، فإن الأولى بها أن تتزوج بشخص مناسب لها في الدين والخلق.
وإذا رفض الوالد خطبتها ممن هذه حاله، لا لشيء سوى حرصه على وظيفتها، كان بذلك معضلا، وبالتالي يحق لها أن ترفع أمرها إلى القاضي الشرعي الذي يأمره بتزويجها أو يزوجها هو إذا لم يقبل الأب تزويجها.
وأيا كان الحال من ذلك، فإن حق الأب في البر والصلة لا ينتقص منه شيء بسبب ما ذكر.
والله أعلم.