الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أن الإمام أحمد رحمه الله لم يبح الاستمناء ولو لمن خشي الزنا، وإنما له في ذلك قول بالتحريم وقول بالكراهة. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 4536.
وأما الأحناف فيقول العلامة الزرقا في بيان مذهبهم: قالوا: "إنها من المحظورات في الأصل، لكنها تباح بشروط ثلاثة: أن لا يكون الرجل متزوجا، وأن يخشى الوقوع في الزنا -حقيقة- إن لم يفعلها، وألا يكون قصده تحصيل اللذة بل ينوي كسر شدة الشبق الواقع فيه".
واعلم أنه يكفي للحكم على الشيء بالتحريم أن يثبت ضرره طبيا، فمن القواعد التي هي محل اتفاق بين أهل العلم أن ما كان مضرا طبيا فهو محظور شرعا. وليس من شك في ضرر الاستمناء.
ثم اعلم أنه يكفي لتحريم الاستمناء ما ذكرته أنت في سؤالك من أن في مسند الإمام أحمد يجوز ذلك خشية الوقوع في العنت، وأنه على رأي الأحناف أيضا يوجد مثل هذا القول...
فهذا الكلام يفيد أن الاستمناء لا يجوز إلا عند خشية الوقوع في الزنا، ومن المعلوم أن الزنا أشد إثما من الاستمناء، وأن القاعدة الشرعية تقول: إنه يجب ارتكاب أخف الضررين إن لم يمكن اجتنابهما.
ثم اعلم أنك إذا كنت لا تقبل تحريم أي شيء إلا إذا وجدت عليه آية صريحة من القرآن أو حديثا صحيحا صريحا، فإنه سيكون مباحا عندك كثيرا مما أجمع أهل العلم على تحريمه.
والله أعلم.