الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يخفى ما أولاه ديننا الحنيف من مكانة عظيمة ومنزلة رفيعة للرحم والقرابة، وما أكد وشدد عليه من صلتها وعدم قطعها، قال تعالى: وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ {الرعد:21}
وقال صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى، قال: فذلك " ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اقرؤا إن شئتم: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ. [ محمد 22-23]. متفق عليه
فلا يجوز لأمك هجر أختها كل هذه المدة، ولا يجوز لكن هجر خالتكن، والواجب عليك -وأنت امرأة ملتزمة- أن تنصحي أمك بصلة أختها وحسن معاملتها، وأن تكون هي الخيرة بأن تبدأ بالسلام لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ، يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام". رواه البخاري.
وقبل نصح الأم بذلك يجب أن تبادرن إلى صلة الخالة، وتقلعن عن هذه المعصية الكبيرة، وتتبن إلى الله منها.
أما بشأن زوجات أبناء خالتك فلا يهمك مكرهن، ولن يضرك إن شاء الله، فإن المَكْرُ السَّيِّئُ لَا يَحِيقُ إِلَّا بِأَهْلِهِ، وننصحك بالعفو عنهن والإعراض عن جهلهن، كما قال تعالى: خُذِ العَفْوَ وَأْمُرْ بِالعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ {الأعراف:199}
ولا حرج عليك في تجنبهن والبعد عنهن اتقاء شرهن، قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث، لمن كانت مكالمته تجلب نقصا على المخاطب في دينه، أو مضرة تحصل عليه في نفسه أو دنياه، فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية" انتهى
ثم إن صلتهن الصلة الخاصة ليست واجبة، وانظري الفتوى رقم: 64070.
والله أعلم.