الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:
فالذي قلت: إننا رددنا به في موضوع غرامة التأخير بأنها حرام، سواء أكانت بعذر أم بغير عذر، هو الصحيح الذي نفتي به، ولا يغير منه كون العميل يتعهد بعدم التأخير، وبسداده للغرامة إن تأخر، وأن ذلك يكون بالاتفاق، وبالتراضي: فالعميل إن كان مماطلًا، فإنه يرفع أمره إلى المحاكم؛ لتلزمه بالسداد.
وللجهة المتعاقدة معه قبل ذلك أن تأخذ الضمانات الكافية للسداد، من قبيل الكفيل، والرهن.
وإن كان معسرًا، فالواجب إنظاره، إلى أن يقدر على السداد، أو التصدق عليه بالدَّين؛ لقول الله تعالى: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:280}.
وأما أن يشترط عليه في العقد أن يعوض تأخير السداد، فذلك هو ما يسميه الفقهاء المعاصرون بالشرط الجزائي، ولا يجوز؛ لأنه ربا محض، وهو مثل قول أهل الجاهلية المعروف: إما أن تقضي، وإما إن تربي، قال الحطاب: وأما إذا التزم المدعى عليه للمدعي أنه إذا لم يوفه حقه في كذا، فله عليه كذا وكذا، فهذا لا يختلف في بطلانه؛ لأنه صريح الربا. وسواء كان الشيء الملتزم به من جنس الدين، أو غيره، وسواء كان شيئًا معينًا، أو منفعة. انتهى. نقلا من فتح العلي المالك.
والذي يمكن أن يعوّض عن مثل هذا الشرط، هو أخذ رهن من المشتري، يعطي لدائنه الحق في استيفاء دينه، إذا تأخر المدين في التسديد.
والله أعلم.