الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنا لا ننصحك بطلاق زوجتك إلا إذا استحكم الخلاف، واستنفدت جميع سبل الوفاق، سيما وقد انجبت منها. فالطلاق مثل الكي فلا يكون إلا آخر العلاج، ففي الحديث: إن المرأة خلقت من ضلع، ولن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها. رواه البخاري ومسلم، وهذا لفظ مسلم. وفي الحديث أيضاً: لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر. ومعنى لا يفرك: لا يكره ولا يبغض. رواه الإمام مسلم في صحيحه.
وأما السب والشتم بينكما فلا يجوز، ولا ينبغي أن تصل الحياة الزوجية بين الرجل والمرأة إلى مثل ذلك، سيما من الزوجة على زوجها، لمنافاته للعشرة بالمعروف والطاعة المأمور بها، وقد بينا ذلك مفصلاً في الفتوى رقم: 1032.
وينبغي تجنب أسباب ذلك كالغضب والتشنج حال الخلاف فقد أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني: قال: لا تغضب، فردد مراراً فقال: لا تغضب. وفي رواية أحمد وابن حبان: ففكرت حين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال، فإذا الغضب يجمع الشر كله. وللمزيد عن أسباب الغضب وسبل علاجه انظر الفتوى رقم: 8038.
وأما ما ذكرت من تهاونها بالصلاة أحيانا فلا يجوز لك أن تقرها عليه، ولا على ترك غيره مما افترضه الله عليها؛ لأنها من رعيتك وأنت مسؤول عنها يوم القيامة، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم:6}، وفي الحديث: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته: الإمام راع ومسؤول عنه رعيته، والرجل في أهله راع ومسؤول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية ومسؤولة عن رعيتها... متفق عليه، وللفائدة انظر الفتوى رقم: 62008، والفتوى رقم: 63561.
وخلاصة القول والذي ننصحك به أن تتوب إلى الله تعالى مما اقترفته، فما أصابك من ابتلاء قد يكون سببه تفريطك في جنب الله، وتقصيرك في حقه فتب إليه مما كان، وأصلح فيما بقي، والتوبة تجب ما قبلها، وأما زوجتك فقد اتصفت بصفات سيئة، حسبما ذكرت وأعظم ذلك تهاونها ببعض الصلوات وعصيانها لك وسبها وشتمها إياك، ولا شك أن للبيئة التي تربت فيها أثراً على سلوكها وصفاتها، فلعلك إذا صبرت عليها، وعملت على محو آثار البيئة، بتوفير بيئة جديدة صالحة لعلها تتغير، مع الاستمرار على نصحها، وإذا كنت قد فعلت ذلك واستفرغت الوسع والجهد ولم يحصل المطلوب، واستمرت على حالتها من العصيان والتكبر والتضجر من العيش معك ونحو ذلك، فالأولى لك أن تطلقها ثم تبحث لك عن امرأة ملتزمة هينة لينة، ودود ولود، تعرف معنى الحياة الزوجية، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 12963، والفتوى رقم: 64026.
والله أعلم.