الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما ذكرته عن جارتك من عدم الرضى بالحياة التي تحياها، وأنها تقع في أعراض الناس، وكلما قلت لها إن ذلك لا يجوز قالت لك: سكري أذنيك، وبقيت مسترسلة في ذلك... هي أخطاء كبيرة ارتكبتها وترتكبها جارتك.
ذلك أن واجب المسلم هو الرضا بقضاء الله، وعدم السخط على ما يقدره الله من أقدار، فقد روى الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فقد حرم الله عز وجل الغيبة في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، فقال سبحانه: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ {الحجرات: 12}. فشبه الله تعالى المغتاب بآكل لحم أخيه ميتا، وقد مر النبي صلى الله عليه وسلم ليلة عرج به بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم، قال: فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم. رواه أحمد وأبو داوود وغيرهما.
ثم ما يتعلق بحقوق الجار وكيفية التعامل مع الجار العاصي والمسيء للجوار قد تقدم الكلام عنه، فراجعي فيه الفتاوى التالية أرقامها: 10851، 14785، 15277.
وعلى أية حال، فمعاملتك لها بلطف، ومراعاتك لكون سوء علاقتك معها سيؤدي إلى قطع علاقات كبيرة في موطنكم الأصلي ونحو ذلك هي أمور حسنة ستؤجرين عليها عند الله.
ولكن ينبغي أن لا تملي من نصحها؛ لأنها إما أن تستجيب لنصحك أو لا تستجيب، وفي كل ذلك سيزداد أجرك إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.