الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبمجرد عقد النكاح تستحق المرأة نصف المهر المسمى، فإن لم يسم لها مهر فتمتع متاعاً بالمعروف على الموسع قدره وعلى المقتر قدره؛ لقوله تعالى: لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ* وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ* {البقرة:235-236}.
فإذا دخل بها الزوج ثبت لها كامل المهر المسمى، أو مهر المثل إذا لم يسم لها مهر، وكذا يثبت لها المهر كاملاً بالخلوة الصحيحة على الراجح.
وعليه؛ فكان من حقك نصف الذهب الذي قدمه لك الزوج إذا كان هو المهر، لكن طلب وليك الطلاق بعوض يثبت للزوج الحق في العوض وهذا ما يسمى بالخلع، وقد دل عليه قوله تعالى: وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ {البقرة:229}، وقد اختلف العلماء هل للأب أن يخالع ابنته التي يملك إجبارها على النكاح بأن كانت صغيرة أو بالغة بكراً، هل يملك أن يخالعها بمالها ولو لم ترض، جمهور أهل العلم يرون أن الطلاق إن حصل فهو ماض وترجع الزوجة على الزوج بمالها، والمالكية يرون أن للأب المجبر أن يخالع عن ابنته المجبرة من مالها، وعلى هذا القول فليس لك الرجوع على زوجك بشيء، وقد بينا هذا في فتوى سابقة برقم: 93211 فراجعيها إن شئت للفائدة.
وعلى كل حالٍ فإننا ننصحك أن تتركي إثارة هذا الموضوع وترضين بما فعل والدك فهو أعلم بالمصلحة، ولعل الله يعوضك من هذا الرجل الذي ذكرت عنه شرب الخمر التي هي أم الخبائث، فربما يكون وراء ذلك الكثير مما يجعله لا يصلح أن يكون زوجاً ولا يؤسف على التخلص منه، فارضي بما قدر الله وتذكرى قول سبحانه وتعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {البقرة:216}، فأقبلي على الله تعالى، والتجئي إليه بالدعاء ولا تيأسي ولا تقنطي من رحمته.
والله أعلم.