الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليعلم الأخ السائل أن الإجارة وهي العلاقة القائمة بينه وبين صاحب المكتب من العقود اللازمة ومعنى لزومها أنه لا يملك أحد طرفيها فسخها بدون رضى من الطرف الثاني، فإذا قام المستأجر بفسخها بدون رضى الأجير لزمه دفع أجرته كاملة لكل المدة المتفق عليها أو قام الأجير بالامتناع عن إكمال العمل مع القدرة لم يستحق شيئاً من الأجرة لما عمل قبل ذلك، جاء في مطالب أولى النهى: (أو) امتنع (الأجير) لعمل (من تكميل العمل فلا أجرة) له لما عمله قبل، لأن كلاً منهم لم يسلم إلى المستأجر ما وقع عليه عقد الإجارة فلم يستحق شيئاً، كمن استأجر من يحمل له كتاباً إلى بلد بعينه فحمله بعض الطريق، أو ليحفر له أذرعا فحفر بعضها وامتنع من حفر الباقي. انتهى.
وعليه، فنقول إنه لا يجوز لك ترك عملك في المكتب مع قدرتك على ذلك إذا كانت مدة العقد سارية، فإن تركت فلا تستحق شيئاً من راتبك أو الحقوق الداخلة ضمن الراتب إلا أن تطيب به نفس صاحب المكتب.
وأما إن كان تركك للعمل بعد انتهاء مدة العقد فأنت مستحق لكل ما تم الاتفاق عليه مع صاحب المكتب لحديث: المسلمون على شروطهم. رواه أحمد، فإن امتنع صاحب المكتب عن دفع هذه الحقوق جاز لك أن تأخذ ذلك من دينه الذي عندك وترد ما زاد عليه. وما ذكرناه إنما هو فتوى تصلح في بيان الحكم الشرعي إذا تحقق مناطه في قضيتك. والأصل هو أن الخصومات إنما يفصل فيها القضاء الشرعي.
والله أعلم.