الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن زيارة الآثار يختلف حكمها باختلاف القصد منها، وباختلاف ما يترتب عليها.. فإن كان القصد هو النظر والاعتبار بآثار السابقين والعظماء والظالمين.. وما آل إليه أمرهم فإن هذه الزيارة مشروعة ما لم يترتب عليها منكر أو تضييع واجب.
قال القرطبي في التفسير عند قوله تعالى: قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ {الأنعام: من الآية11} أي قل يا محمد لهؤلاء المستهزئين المستسخرين المكذبين: سافروا في الأرض فانظروا واختبروا لتعرفوا ما حل بالكفرة قبلكم من العقاب وأليم العذاب، وهذا السفر مندوب إليه إذا كان على سبيل الاعتبار بآثار من خلا من الأمم وأهل الديار. اهـ
وإذا جازت الزيارة فإن الانتفاع من ورائها بما هو مباح جائز.
أما إذا كانت الزيارة لتعظيم أهل الكفر والضلال والإعجاب بهم أو غير ذلك من الأغراض الفاسدة فإنها لا تجوز، ولا يجوز الانتفاع من ورائها.
وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل في الفتاوى ذات الأرقام التالية:56137، 60550، 42053، 44148. نرجو أن تطلع عليها وعلى ما أحيل عليه فيها.
وأما عدم هدم الصحابة لهذه الآثار.. فلعله لعدم تعظيم الناس لها وعدم اهتمامهم بها أو ما أشبه ذلك.. فتركوها للعظة والاعتبار. ولو كان الناس يعظمونها في زمانهم لهدموها كما هدموا الأصنام وطمسوا التماثيل وسووا القبور المشرفة التي يخشى من تعظيمها، ففي صحيح مسلم وغيره أن عليا رضي الله عنه بعث أبا الهياج الأسدي وقال: ألا أبعثك على ما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تدع تمثالا إلا طمسته، ولا قبرا مشرفا إلا سويته.
والله أعلم.