الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن عليك أولاً أن تبذل جهدك في نصيحة والدك لعله ينصرف عن فكرة الاقتراض بفائدة ربوية، واستعن بكتب وأشرطة في هذا الموضوع، أو بأشخاص من أهل العلم والخير ينصحونه ويبينون له حكم الله تعالى في ما يريد الإقدام عليه، فإذا لم يستجب واقترض بفائدة فقد تحمل إثم الربا في ذمته.
أما حكم تعاملك وتعامل الآخرين في هذا المال الذي اكتسبه بالعقد الفاسد فإنه يجوز لكم معاملته فيه على الوجوه المباحة كالشراكة في مشروعه هذا أو استيفاء أجرة العمال منه أو نحو ذلك، وإنما قلنا بجواز معاملته فيه لأن المال المكتسب بعقد محرم -باستثناء المغصوب والمسروق وما شابه- تتعلق حرمته بذمة المكتسب لا بعين المال، بمعنى أن الحرمة تتعلق بسبب اكتسابه ولا تنتقل مع انتقال المال إلى آخرين بأسباب أخرى مباحة شرعاً.
ومن القواعد الشرعية أن تبدل سبب الملك كتبدل الذات، يعني أنه كما يفيد تبدل الذات الحلية كذلك يفيد تبدل سبب الملك الحلية، فمثال تبدل الذات الخمر إذا تبدلت بنفسها إلى خل جاز تناوله، وهكذا لو تغير سبب الملك في المال، جاء في التاج والإكليل من كتب المالكية ما يلي: قال ابن أبي زيد من قول مالك وأهل المدينة أن من بيده مال حرام فاشترى به داراً أو ثوباً من غير أن يكره على البيع أحداً فلا بأس أن تشتري أنت تلك الدار أو الثوب من الذي اشتراه بالمال الحرام. انتهى. فدل هذا على أن الحرام لا ينتقل مع انتقال المال بسبب مشروع.
وأما عن قيام الأخ بتهيئة ملف القرض لوالده فإن ذلك حرام، لأنه إعانة على الربا، ويدل عليه الحديث الذي استشهد به الأخ السائل، وهو حديث جابر قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه. رواه مسلم.
قال الإمام النووي رحمه الله: وفيه تحريم الإعانة على الباطل. انتهى، ولا شك أن تهيئة ملف القرض الربوي إعانة ظاهرة.
والله أعلم.