الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الأصل أن مجرد الرهاب الاجتماعي العادي ليس من الأعذار التي تبيح التخلف عن الجمعة والجماعة، لكن من خلال اطلاعنا على ما كتبه أهل الخبرة عن هذا المرض تبين أنه في بعض الحالات تنشأ عنه أعراض فيها الكثير من المشقة والأذى، وذلك مثل حدوث القيء وشبه الإسهال ونحو ذلك، وعليه فإذا كان ما يجده الأخ المذكور يصل إلى هذه الدرجة من المشقة والأذى إذا حضر الجمعة والجماعة فالظاهر أن له أن يتخلف عنهما لأنه معذور بالمرض، وعليه أن يتابع علاجه حتى يشفى بإذن الله تعالى، وإن لم يكن يجد مشقة في حضور الجمعة والجماعة ولا يحصل له أذى إذا حضرهما، وإنما يكره مخالطة الناس ويحب الانعزال عنهم بسبب الرهاب، فإن هذا ليس من الأعذار التي تبيح التخلف عن الجمعة و الجماعة، وقد يكون من علاجه مخالطة الناس شيئا فشيئا حتى تنكسر تلك العزلة وتزول تلك الحالة، وفي هذه الحالة عليه أن يحافظ على حضور الجمعة والصلاة في الجماعة فإن الله قد فرض على الرجال السعي إلى الجمعة، ولا يستثنى من ذلك إلا من له عذر معتبر، كما أن الصلاة في الجماعة فرض على الرجل المستطيع، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 5153، والتخلف عن الجماعة من صفات المنافقين إلا في حالة العذر الذي يبيح التخلف عن الجماعة ، وانظر الفتوى رقم: 60743.
واعلم أن من حكم مقاصد الشرع في حضور الجماعة تكثير المسلمين، وتعاهد اللقاء معهم، وتحصيل فضل الجماعة معهم، لأنه كلما كانت الجماعة أكثر كان الأجر أعظم، ولذلك يحرص الشيطان على تثبيط المسلم وإبعاده عن هذا الفضل لينفرد به، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ما من ثلاثة في بدو ولا حضر لا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان، فعليكم بالجماعة، فإنما يأكل الذئب القاصية. رواه أبو داود في سننه وحسنه الألباني. فعلى هذا الأخ أن يتقي الله تعالى ويعصي الشيطان ويزاحم الرجال على مقدم الصفوف، وقد قال صلى الله عليه وسلم: لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا. رواه البخاري.
والله أعلم.