الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما ذكرته تلك المرأة من أن زوجها قد هجرها، ولم يكن ينفق عليها ولا على أولاده طيلة الفترة التي بينتها.. وأنه كان يشرب الخمر ويتعاطى المخدرات...هي -في الحقيقة- أخطاء كبيرة، والعياذ بالله، ولكنه قد أفضى إلى ما قدمه، وبالتالي فالصواب أن نكف عنه في غير ما لا تدعو إليه الحاجة من خبره.
ثم ما أنفقته الزوجة على نفسها وأولادها فيه تفصيل، فإن كانت قد أنفقته متطوعة به، فإنها بذلك تكون قد قامت بصلة وصدقة لها فيها الأجر عند الله إن شاء الله تعالى، وليس لها أن ترجع بها على الزوج، وكذا الحال إن كان إنفاقها قد وقع حال إعسار الزوج، لأنه لا يجب عليه الإنفاق في حالة الإعسار، وإن لم تكن متطوعة بالإنفاق، وكان هو موسراً زمن إنفاقها، فإن من حقها أن ترجع على تركته بما أنفقت، لأنها قامت عنه بواجب.
وأما الديون التي ذكرتها، فالواجب أن تقضى من متروكه إن كان قد ترك شيئاً، وإذا كانت الديون أكثر من تركته فإن الغرماء يتحاصون في الموجود من المال، كل بحسب دينه، وللزوجة أن تشاركهم في المحاصة بما أنفقته، وليس على أحد من الورثة أن يقضي عنه شيئاً من تلك الديون إلا أن يكون متطوعاً بذلك، ثم إذا لم يكن الزوج قد طلق تلك المرأة فإنها إذاً ما زالت تعتبر زوجة له، ويجب أن تعتد بعد موته عدة وفاة، ولها الحق في الإرث من تركته هي وأولاده إن كان سيفضل إرث بعد الديون.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.