الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن المقولة المذكورة معناها صحيح شرعاً فمن غلبه هواه ووقع في معصية فإنه مأمور شرعاً أن يستتر بستر الله ولا يفضح نفسه، فقد روى مالك في الموطأ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيها الناس قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله، من أصاب من هذه القاذورات شيئاً فليستتر بستر الله، فإنه من يبدي لنا صفحته نقم عليه كتاب الله.
وأما البلاء أو الابتلاء فإنه من الله -وكل شيء في هذا الوجود فإنه من خلق الله وبإرادته وقضائه- يبتلي عباده ويختبرهم بالخير والشر ليظهر المطيع ويتميز عن العاصي، فقد قال سبحانه وتعالى: وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ {الأعراف:168}، وقال تعالى: وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ {الأنبياء:35}، وقال تعالى: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا {الملك:2}، ولكن الله تعالى بين الطريقين: طريق الخير وطريق الشر ليختبر عباده فيسلك هذا الطريق من شاء ويسلك هذا من شاء، كما قال تعالى: وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ {البلد:10}، أي بينا له الطريقين.
ولذلك فإن باستطاعة الإنسان أن يسيطر على نفسه ويضبط تصرفاته ويسلك الطريق الذي يختار أو يريد، فإذا انحرف ووقع في معصية لسبب ما فإن عليه أن يستر نفسه من الفضيحة أمام الآخرين وحتى لا يستمرئ المعصية أو يشجع عليها ضعاف النفوس...
وأما المقولة التي نسبتها لأهل الغرب فإنها تختلف عن مفهوم الإسلام في أن لكل داء دواء ولكل مشكلة علاج علم ذلك من علمه وجهله من جهله، وتتفق معه في عدم الأسى والحزن على ما فات أو قدر، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان.
والله أعلم.