الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب عليك أن تعامل والدك بما أوصاك الله به وأوجبه عليك في محكم كتابه، قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا [لقمان : 14-15]، والآيات والأحاديث المصرحة بالأمر ببر الوالدين وطاعتهما كثيرة، وبذلك تعلم أن الواجب عليك هو طاعة والدك في غير معصية، ومصاحبته بالمعروف، والإحسان إليه وإن أساء إليك، مع العلم بأن الوالد لا يلزمه مشاورة الولد ولا غيره في شأن بناته، لأنه له حق الولاية عليهن، وتزويجهن بمن شاء من أكفائهن، ولا كلام لأحد معه ما دام سليم التصرف، وإن كان من مكارم الأخلاق مشاورة الرشداء من أبنائه وأهل بيته وذويه، والأخذ برأيهم حفاظاً على الوحدة واجتماع الكلمة، ولكن عليه أن يتقي الله تعالى في بناته ولا يزوجهن إلا ممن هو مرضي الدين والخلق.
وأما نهيه عن المنكر، فلا يعد عقوقاً، بل هو من البر، لقوله صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، قالوا: يا رسول الله هذا المظلوم فكيف ننصر الظالم؟ قال: تمنعه من الظلم. متفق عليه.
والوقوع في المنكر وارتكابه من أشد الظلم، لأنه ظلم للنفس، يقول تعالى: وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ {البقرة:57}، لكن يكون نهيه عن المنكر باللطف وبالكلام اللين، وبتسليط الصالحين عليه ممن يرجى أن يتأثر بهم.
والله أعلم.