الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالقول الراجح أن المقصود بالصف الأول هو الصف الذي يلي الإمام مباشرة، وأما من حضر إلى المسجد مبكراً أو جلس فيه ولم يصل في الصف الأول فقد فاتته هذه الفضيلة، وإن كان من أهل العلم من يرى أن هذا هو المقصود بالصف الأول، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 93742.
لكن الاشتغال بتعلم كتاب الله تعالى ومدارسته من أفضل العبادات فهو أفضل العلوم وأشرفها، وطلب العلم مقدم على غيره من نوافل العبادات، ففي المصنف لابن أبي شيبة: عن قتادة عن مطرف قال: لَفضلُ العلم أحب إلي من فضل العبادة، ومِلاك دينكم الورع. انتهى.
وقال النووي في المجموع: والحاصل أنهم متفقون على أن الاشتغال بالعلم أفضل من الاشتغالات بنوافل الصوم، والصلاة، والتسبيح، ونحو ذلك من نوافل عبادات البدن، ومن دلائله سوى ما سبق أن نفع العلم يعم صاحبه والمسلمين، والنوافل المذكورة مختصة به، ولأن العلم مصحح فغيره من العبادات مفتقر إليه، ولا ينعكس، ولأن العلماء ورثة الأنبياء، ولا يوصف المتعبدون بذلك، ولأن العابد تابع للعالم مقتد به مقلد له في عبادته وغيرها واجب عليه طاعته، ولا ينعكس، ولأن العلم تبقى فائدته وأثره بعد صاحبه، والنوافل تنقطع بموت صاحبها، ولأن العلم صفة لله تعالى، ولأن العلم فرض كفاية أعني العلم الذي كلامنا فيه، فكان أفضل من النافلة. انتهى.
وعليه؛ فبقاؤكم مع شيخكم مشتغلين بتعلم كتاب الله تعالى ومدارسته أفضل من الحرص على الصلاة في الصف الأول، والحديث الذي استشهدتم به لم نقف عليه بلفظه المذكور، لكن ثبت في صحيح البخاري عن الأسود قال: سألت عائشة ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله -تعني خدمة أهله- فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة. انتهى.
فالحديث مفيد للمبادرة للصلاة عند حضور وقتها وأنتم حاضرون لها وموجودون في المسجد، وبالتالي فالحديث لا يصلح للاستدلال على حالتكم.
والله أعلم.