الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق أن بينا حقيقة عقد السلم وشروطه وأحكامه في الفتوى رقم: 11368.
أما السلم الموازي فهو أن يبرم العاقد صفقة شراء بالسلم، ثم يبرم صفقة بيع بالسلم دون ربط بينهما، ويعزم على أن ينفذ الصفقة الثانية مما يتسلمه من الصفقة الأولى، يقول فضيلة الدكتور علي السالوس: أما السلم الموازي فهو جائز، ففيه عقدان منفصلان، وهو ليس من مبتكرات المعاصرين كما يظن الكثيرون، فإن الإمام الشافعي ذكره حيث قال: من سلف في طعام ثم باع ذلك الطعام بعينه قبل أن يقبضه لم يجز، وإن باع طعاماً بصفة ونوى أن يقبضه من ذلك الطعام فلا بأس.
والمصرف الإسلامي يمكنه أن يستخدم هذا الأسلوب المعاصر، فهو بصفته مشترياً في عقد سلم أول يحصل على السلعة التي يريد المتاجرة بها في الوقت الذي يريده، فتنشغل بها ذمة البائع الذي يجب عليه الوفاء بما التزم به، كما أن المصرف يستفيد من رخص السعر؛ إذ إن بيع السلم أرخص من بيع الحاضر -غالباً- فيأمن بذلك تقلب الأسعار، ويستطيع هذا المصرف أن يعقد سلماً موازياً، فيبيع بعقد سلم جديد بضاعة من نفس النوع الذي اشتراه بالسلم الأول دون ربط بين العقدين، ونذكر المثال التالي لذلك: يوجد مصنع مصنوعات حديدية يحتاج إلى تمويل لشراء القضبان الحديدية اللازمة، ويحصل عادة على التمويل اللازم من البنك بالفائدة لأجل يمتد حتى تاريخ تسويق منتجاته. ففي مثل هذه الحال يقوم المصرف الإسلامي بعرض التمويل اللازم على أساس عقد السلم، فيأخذ مقابل التمويل المنتجات المصنعة من قضبان الحديد، وتبرمج مواعيد وأمكنة التسليم، ويتفق مثلاً أن يكون التسليم في ميناء التصدير أو سيف ميناء الاستيراد.
وفيما بين تاريخ إبرام العقد وتاريخ التسليم يمكن للمصرف الإسلامي أن يجري عقداً أو عقود سلم مع مستثمرين آخرين، يكون المصرف فيها في موقف المسلم إليه (البائع)، حيث يلتزم بتوريد قضبان حديد مماثلة لقضبان الحديد التي أبرم عقد السلم عليها من المصنع، وذلك بشروط مماثلة لعقده مع المصنع أو بشروط معدلة.
والله أعلم.