الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز اشتراط ضمان رأس المال في عقد المضاربة ولو تبرع بذلك عامل المضاربة –البنك- لأن ذكر ذلك التبرع بالضمان في العقد ينزله منزلة الشرط الواجب تنفيذه والتقيد به.
وقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن سندات المقارضة -المضاربة ضمن مقراراته-: لا تجوز أن تشمل نشرة الإصدار أو صكوك المقارضة – المضاربة – على نص بضمان عامل المضاربة رأس المال أو ضمان ربح مقطوع أو منسوب إلى رأس المال، فإن وقع النص على ذلك صراحة أو ضمنا بطل شرط الضمان واستحق المضارب ربح مضاربة المثل.اهـ
وإنما ذهب بعض العلماء إلى جواز ضمان العامل لرأس المال تبرعا إذا وقع ذلك بعد تمام العقد وبعد الشروع في العمل، جاء في حاشية الإمام الرهوني على شرح الزرقاني لمختصر خليل (م/324): قيل لابن زرب أيجب الضمان في مال القراض إذا طاع (أي تطوع) قابضه بالتزام الضمان؟ فقال: إذا التزم الضمان طائعا بعد الشروع في العمل فما يبعد أن يلزمه.
وما نسبه السائل إلى الحنفية صحيح، جاء في الفقه الإسلامي وأدلته للشيخ وهبة الزحيلي ما نصه: وإن شرط على العامل ضمان رأس المال إن تلف بطل الشرط والعقد صحيح عند الحنفية والحنابلة.
لكن لا يعني ذلك جواز الدخول في المعاملة وفيها الشرط المذكور، إنما يعني أنها إذا وقعت فإن الشرط يلغى وإذا كان هناك ربح كان بين رب المال والعامل على حسب ما اتفقا، أما إذا حدثت خسارة فإنها تكون على رب المال وحده.
وأما بالنسبة للأرباح التي يأخذها السائل من البنك فهي حلال لأنها على القول بصحة عقد المضاربة وفساد شرط الضمان هي مقدار ما يستحقه من الأرباح.
أما على القول الآخر وهي فساد المضاربة فإن هذه الأرباح هي بعض ما يستحق لأن الربح في المضاربة الفاسدة كله لرب المال وإنما للعامل إما أجرة المثل أو قراض المثل على قولين للفقهاء، وقد تقدم تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 47590.
والله أعلم.