الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن السؤال يتألف من خمسة أسئلة تقريبا.
جواب الأول منها هو أن اعتبار ملازمة الحدث نصف الوقت سلسا خاص بالمذهب المالكي من بين المذاهب الأربعة، أما غير المالكية فلا يعتبر الحدث المستمر أكثر من المعتاد سلسا حتى يلازم كل الوقت أو غالبه بحيث لا يبقي وقتا يكفي للطهارة والصلاة، والذي أراده الشوكاني فيما يبدو هو السلس المعتبر لدى الجمهور، أما الشخص المذكور فإن كان المذي لا يلازمه كل الوقت أوجله فلا يعتبر صاحب سلس، وإن كان يلازمه وعلم أنه ينقطع في وقت وجب عليه أن يؤخر الوضوء والصلاة لذلك الوقت، أما ما يفعله من الجمع فلا تبطل به صلاته، سواء كان صاحب سلس أم لا لأنه فيما يظهر جمع صوري وهو جائز ولو للصحيح، قال أبو الحسن في كفاية الطالب الرباني في شرح الرسالة: وأما الجمع الصوري فجائز لذي العذر وغيره، وقال خليل في مختصره: وللصحيح فعله -يعني الجمع الصوري. انتهى
أما عن السؤال الثاني فإن الشوكاني رحمه الله تعالى قال كما في السيل الجرار في معرض كلامه عن المستحاضة: وحيث تصلي توضأ لوقت كل صلاة كسلس البول ونحوه ولهما جمع التقديم والتأخير والمشاركة بوضوء واحد انتهى . فهو ذكر صاحب سلس البول ونحوه ولم يقتصر على سلس البول فقط، وبهذا يعلم أنه لا فرق عند الجميع بين سلس البول وغيره من سائر الأحداث التي تنقض الوضوء قياسا على المستحاضة التي نص الحديث على كيفية طهارتها ووضوئها عند د خول الوقت.
وعن السؤال الثالث فإن الصلاة لا تبطل بالجمع الصوري ولو للصحيح كما أسلفنا لأنه لا يؤدي لخروج الصلاة عن وقتها، لكن أداء كل صلاة في أول وقتها أفضل وأولى لمن ليس له عذر.
وعن السؤال الرابع فإذا كان الحدث يأتي في أول الوقت كما هو الحال في هذه المسألة ثم ينقطع فإنه يجب تأخير الوضوء والصلاة لآخر الوقت ليسلم من خروج الحدث أثناء الصلاة، ثم إنه لا داعي للجمع الصوري هنا وإن كان جائزا، وهذه الحالة لا تصل إلى حد السلس، وعليه فلا بد من أداء صلاة في وقتها وبطهارة فإن جمع صوريا وأدى الصلاتين بطهارة فلا حرج لأنه يكون قد أدى الأولى في آخر وقتها والثانية في أول وقتها، وعليه فلا داعي لما ذكر عن مالك في شأن وقت الضرورة.
وبالنسبة للسؤال الخامس فإن الوضوء عبادة مستقلة فإذا جيء بها على الوجه الصحيح فقد حل كل ما يحرم على المحدث من صلاة وطواف ومس مصحف، ولا يطالب المتوضئ بتخصيص العبادة التي سيصليها بالوضوء سواء كان صاحب سلس أم لا، بل المطلوب أن ينوي رفع الحدث إن كان ممن يرتفع حدثه أو ينوي فرض الوضوء أو استباحة ما منع بالحدث، ولا عبرة بقصر نيته على صلاة معينة أو عدد من الصلوات على الصحيح.
وننبه هنا إلى أن الخلاف جار بين الفقهاء في حكم صلاة صاحب السلس بوضوئه أكثر من صلاة، ولبيان ذلك يرجى الاطلاع على الفتوى رقم:76540. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 66016.
والله أعلم