الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل من طعام اليهود، فقد صح في الحديث الشريف: أن يهودياً دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى خبز شعير وإهالة سنخة فأجابه. رواه أحمد، وقال الأرناؤوط: صحيح على شرط مسلم.
وفي صحيح مسلم: أن امرأة يهودية أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة فأكل منها.
وإذا تقرر صحة هذه الأحاديث -وهي صحيحة- فإن ذلك يكفي لاعتبار طعام اليهود مباحاً، وليس حراماً، أضف إلى ذلك ما ورد في قول الله تعالى: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ {المائدة:5}.
وأما السؤال عما إذا كان من المعقول أن يفعل النبي صلى الله عليه وسلم فعلاً مكروهاً فجوابه أنه صلى الله عليه وسلم قد يفعل ذلك للتشريع، أي لتبيين أن ذلك الفعل ليس حراماً، وحينئذ يكون في حقه هو قربة، وفي حقنا نحن مكروهاً، قال في مراقي السعود:
وربما يفعل للمكروه * مبيناً أنه للتنزيه...
فصار في جانبه من القُرب * كالنهي أن يشرب من فم القِرب.
وبهذا يوجه قول من قال بالكراهة، هذا ومما يجدر التنبيه له أن هنالك من لم يقل بالكراهة في حال المال المختلط وقول هؤلاء أقوم حجة وأقوى دليلاً وإن قل القائلون به.
والله أعلم.