الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخطاء في القيام

أخطاء في القيام

أخطاء في القيام

رمضان شهر الطاعات والقربات، وفرصة لزيادة المبرَّات وفعل الخيرات، ومن السنن المشروعة في هذا الشهر المبارك قيام لياليه بالعبادة لله سبحانه، وقد يتخلل ذلك بعض الممارسات التي تخلُّ بأخلاق المتعبدين والقائمين، من ذلك:

أولاً: التهاون في أداء صلاة التراويح، بحجة أنها سنة وليست واجبة، فترى الرجل ربما أضاع وقته في المجالس أو الأسواق أو أمام الشاشة أو غير ذلك مما ضرره أكثر من نفعه، ويفرِّط في هذه السُنَّة العظيمة مع علمه بما ورد في فضل قيام رمضان إيماناً واحتساباً، ولا شك أن ذلك من الغبن والحرمان، والذي ينبغي على المسلم أن يصلي التراويح كاملة مع الإمام حتى ينصرف ليُكتب له أجر قيام ليلة.

ثانياً: ومن الأخطاء أن بعض الناس إذا بلغه أن هذه الليلة هي أول ليلة في رمضان، لا يصلي صلاة التراويح ظناً منه أن هذه الليلة ليست من ليالي رمضان، وهو خطأ فبمجرد رؤية هلال رمضان يكون الإنسان قد دخل في أول ليلة من رمضان، ولذا فإن من السنة أن تصلى التراويح جماعة في المسجد في هذه الليلة.

ثالثاً: الإسراع من بعض الأئمة في صلاة التراويح إسراعاً يخل بالصلاة والمقصود منها، فيسرع في التلاوة إسراعاً شديداً، ولا يراعي الطمأنينة والخشوع، وكل همه إنهاء تلك الرُّكيعات لينصرف الناس بعدها لأعمالهم، وأشغالهم، ومسامراتهم، ومساهراتهم...، والواجب أن يطمئن الإمام في صلاته، وإذا لم يتيسر له ختم القرآن، أو قراءة قدر كبير منه في صلاة القيام تخفيفاً على الناس، فلا أقل من أن يحسن صلاته، فيطمئن فيها، ويتم ركوعها وسجودها.

رابعاً: مسابقة كثير من المأمومين لإمامهم في صلاة التراويح في الركوع والسجود والرفع منهما، والمشروع في حق المأموم إنما هو متابعة الإمام في أفعال الصلاة، فيأتي بها بعده مباشرة، لا يسبقه ولا يتخلف عنه، وقد ورد الوعيد الشديد في مسابقة الإمام، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين: (أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام، أن يجعل الله رأسه رأس حمار، أو يجعل الله صورته صورة حمار).

خامساً: حَمْلُ بعض المأمومين المصحف أثناء صلاة القيام، وذلك من أجل متابعة قراءة الإمام، وهذا الأمر بجانب كونه غير مأثور عن السلف، فإن فيه شُغلاً للمصلي عن الخشوع وتدبر الآيات؛ وبالتالي فلا ينبغي أن يُفعل ذلك، إلا لمن كان يتابع الإمام من أجل تصويبه إذا أخطأ.

سادساً: تطويل دعاء القنوت، والتكلف فيه، والإتيان بأدعية غير مأثورة، ما يسبب الملل والسآمة، وربما حول بعضهم القنوت إلى موعظة يذكر فيها أشياء تتعلق بالقبر وعذابه، والصراط والبعث والجزاء، وكل هذا من الاعتداء المنهي عنه في الدعاء، والذي ينبغي الاقتصار على الأدعية المأثورة الجامعة لخيري الدنيا والآخرة، وقد كان صلى الله عليه وسلم كما تقول عائشة: (يستحب الجوامع من الدعاء، ويدع ما سوى ذلك) رواه أبوداود.

سابعاً: ومن الأخطاء رفع الصوت بدعاء القنوت أكثر مما ينبغي، وهو مناف لأدب الدعاء، فقد قال الله تعالى: (ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين) (الأعراف:55)، ولما رفع الصحابة رضي الله عنهم أصواتهم بالتكبير نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وقال: (يا أيها الناس! اربعوا على أنفسكم -أي اخفضوا أصواتكم- فإنكم لا تدعون أصمَّ، ولا غائباً) متفق عليه، والذي ينبغي على الإمام أن يرفع صوته بالقدر الذي يُسْمِع مَن خلفه من المأمومين.

ثامناً: رفع الصوت بالبكاء والصراخ بحيث يتسبب في إشغال المصلين من حوله، فإن البكاء وإن كان مطلوباً عند قراءة القرآن وسماعه إلا أنه ينبغي على العبد أن يحرص على خفض صوته وإخفائه ما أمكن، حتى يكون أقرب إلى الإخلاص وأبعد عن الرياء، وبعض الناس ربما اشتد بكاؤه وتأثره إذا جاء وقت الدعاء والقنوت، ولا شك أن الأولى أن يكون البكاء والتأثر عند سماع كلام الله.

تاسعاً: تَرْكُ التهجد في العشر الأواخر من رمضان، والانشغال بالتجوال في الأسواق وشراء الأغراض وحاجيات العيد، فتضيع على العبد -رجلاً كان أو امرأة- هذه الليالي المباركة، وتضيع عليه ليلة القدر، التي من حُرِمَ خيرها، فقد حُرِمَ الخير كله، وهو أمر -مع الأسف الشديد- يقع فيه كثير من المسلمين في أواخر هذا الشهر المبارك، مخالفين بذلك سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، الذي كان إذا دخلت ليالي العشر أحيا ليله، وأيقظ أهله، وجدَّ، وشدَّ المئزر.

عاشراً: من الأخطاء التي يقع فيها البعض في ليالي القيام، إنشاء جماعة ثانية أثناء قيام الجماعة في المسجد، ويفعل ذلك من فاتته صلاة العشاء مع الجماعة الأولى، وهذا لا يجوز؛ لأن فيها تشويشاً على المصلين، وفيها أيضاً إقامة لجماعتين في وقت واحد ومكان واحد. والواجب على من فاتته صلاة العشاء مع الجماعة، أن يصلي مع الجماعة التي تصلي صلاة التراويح، وينوي فرض العشاء، وبعد أن ينتهي الإمام من أداء ركعتي التراويح، يأتي بما فاته من ركعات صلاة العشاء.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة