[ ص: 598 ] [ ص: 599 ] الفصل الثالث
في أركان القياس
وهي أربعة :
الأصل .
والفرع .
والعلة .
والحكم .
ولا بد من هذه الأربعة الأركان في كل قياس ، ومنهم من ترك التصريح بالحكم .
وذهب الجمهور إلى أنه لا يصح القياس إلا بعد التصريح به .
قال ابن السمعاني : ذهب بعضهم إلى جواز القياس بغير أصل ، قال : وهو من خلط الاجتهاد بالقياس ، والصحيح أنه لا بد من أصل; لفروع لا تتفرع إلا عن أصول ، انتهى .
والأصل يطلق على أمور ، منها ما يقتضي العلم به العلم بغيره .
ومنها : ما لا يصح العلم بالمعنى إلا به .
ومنها : الذي يعتبر به ما سواه .
ومنها : الذي يقع القياس عليه ، وهو المراد هنا .
وقد وقع الخلاف فيه ، فقيل : هو النص الدال على ثبوت الحكم في محل الوفاق ، وبه قال القاضي أبو بكر ، والمعتزلة .
وقال الفقهاء : هو محل الحكم المشبه به ، قال ابن السمعاني : وهذا هو الصحيح .
قال : الأصل هو الحكم الثابت في محل الوفاق ، باعتبار تفرع العلة عليه [ ص: 600 ] وقال جماعة منهم الفخر الرازي ابن برهان إن هذا النزاع لفظي ، يرجع إلى الاصطلاح ، فلا مشاحة فيه ، أو إلى اللغة ( فهو يجوز ) إطلاقه على ما ذكر ، وقيل : بل يرجع إلى تحقيق المراد بالأصل ، وهو يطلق تارة على الغالب ، وتارة على الوضع اللغوي ، كقولهم : الأصل عدم الاشتراك ، وتارة على إرادة التعبد الذي لا يعقل معناه ، كقولهم : خروج النجاسة من محل ، وإيجاب الطهارة في محل آخر على خلاف الأصل .
قال يطلق الأصل على ما يتفرع عليه غيره ، وعلى ما يعرف بنفسه ، وإن لم يبن عليه غيره ، كقولنا : تحريم الربا في النقدين أصل ، وهذا منشأ الخلاف في أن الأصل في تحريم النبيذ الخمر أو النص ، أو الحكم . قال : واتفقوا على أن العلة ليست أصلا انتهى . الآمدي
وعلى الجملة : إن الفقهاء يسمون محل الوفاق أصلا ، ومحل الخلاف فرعا ، ولا مشاحة في الاصطلاحات ، ولا يتعلق بتطويل البحث في هذا كثير فائدة ، فالأصل هو المشبه به ، ولا يكون ذلك إلا لمحل الحكم ، لا لنفس الحكم ، ولا لدليله ، والفرع هو المشبه ، لا لحكمه . والعلة هي الوصف الجامع بين الأصل والفرع . والحكم هو ثمرة القياس ، والمراد به ما ثبت للفرع بعد ثبوته لأصله .