الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية

                                                                                        ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        [ ص: 394 ] 1461 \ 1 - وقال إسحاق : أخبرنا عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن الزهري ، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ، قال : كان معاذ بن جبل - رضي الله عنه - رجلا سمحا شابا جميلا ، من أفضل شباب قومه ، وكان لا يمسك شيئا ، فلم يزل يدان حتى أغلق ماله كله في الدين ، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فطلب إليه أن يسأل غرماءه أن يضعوا له ، فأبوا - فلو تركوا لأحد من أجل أحد تركوا لمعاذ - رضي الله عنه - من أجل النبي - صلى الله عليه وسلم - فباع النبي - صلى الله عليه وسلم - ماله كله في دينه ، حتى قام معاذ - رضي الله عنه - بغير شيء ، حتى إذا كان عام فتح مكة بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - على طائفة من أهل اليمن أميرا ليجبره ، فمكث معاذ - رضي الله عنه - باليمن أميرا - وكان أول من اتجر في مال الله تعالى هو - فمكث حتى أصاب ، وحتى قبض النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما قدم قال عمر لأبي بكر - رضي الله عنهما - : أرسل إلى هذا الرجل فدع له ما يعيشه ، وخذ سائره ، فقال أبو بكر - رضي الله عنه - : إنما بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - ليجبره ، ولست آخذا منه شيئا إلا أن يعطيني ، فانطلق عمر - رضي الله عنه - إليه ، إذ لم يطعه أبو بكر - رضي الله عنه - فذكر ذلك عمر لمعاذ - رضي الله عنهما - فقال معاذ - رضي الله عنه - : أنا أرسلني النبي - صلى الله عليه وسلم - ليجبرني ، ولست بفاعل ، ثم لقي معاذ عمر - رضي الله عنهما - فقال : قد أطعتك ، وأنا فاعل ما أمرتني ، إني رأيت في المنام أني في حومة ماء ، وقد خشيت الغرق ، فخلصتني منه يا عمر ، فأتى معاذ أبا بكر - رضي الله عنه - فذكر ذلك له ، وحلف أنه لم يكتمه شيئا ، حتى تبين له سوطه ، فقال أبو بكر - رضي الله عنه - : والله لا آخذه منك ، وقد وهبته لك . فقال عمر - رضي الله عنه - : هذا حين طاب وحل ، فخرج معاذ - رضي الله عنه - عند ذلك إلى الشام .

                                                                                        هذا الحديث إسناده صحيح ، ولكنه مرسل ، ولم يخرجوه في [ ص: 395 ] كتبهم ، بل خرج أبو داود منه في المراسيل المفرد قطعة منه .

                                                                                        وقد خالف عبد الرزاق هشام بن يوسف ، فرواه عن معمر موصولا ، قال : عن ابن كعب ، عن أبيه ، ورواه ابن المبارك عن معمر فأرسله .

                                                                                        1461 \ 2 - وقال الحارث : حدثنا إسحاق بن عيسى بن الطباع ، ثنا عبد الله بن المبارك ، أخبرني معمر ، عن الزهري ، عن ابن كعب بن مالك ، قال : كان معاذ بن جبل - رضي الله عنه - شابا سمحا ، أفضل فتيان قومه ، فلم يزل حتى أغرق ماله في الدين ، فكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غرماءه ، فلو ترك أحد من أجل أحد لترك معاذ بن جبل - رضي الله عنه - من أجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . قال : فبقي معاذ - رضي الله عنه - ولا مال له .

                                                                                        [ ص: 396 ] [ ص: 397 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية