الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية

                                                                                        ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        [ ص: 210 ] 18 - باب عيش السلف

                                                                                        3153 \ 1 - قال أبو يعلى : حدثنا زكريا بن يحيى ، ثنا عبد الله بن عيسى ، ثنا يونس بن عبيد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أنه سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، يقول : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الظهيرة فوجد أبا بكر رضي الله عنه في المسجد ، فقال : " ما أخرجك في هذه الساعة ؟ " فقال رضي الله عنه : أخرجني الذي أخرجك يا رسول الله . وجاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فقال صلى الله عليه وسلم: " ما أخرجك يا ابن الخطاب ؟ " قال رضي الله عنه : أخرجني الذي أخرجكما يا رسول الله ، فقعد عمر رضي الله عنه وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثهما ، ثم قال : " هل بكما قوة تنطلقان إلى هذا النخل ، فتصيبان طعاما وشرابا وظلا " قال : قلنا : نعم . قال : " مروا بنا إلى منزل أبي الهيثم بن التيهان الأنصاري " فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أيدينا فسلم فاستأذن ثلاث مرات وأم الهيثم رضي الله عنها وراء الباب تسمع الكلام وتريد أن يزيدها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما أراد صلى الله عليه وسلم أن ينصرف خرجت أم الهيثم رضي الله عنها خلفهم ، فقالت : يا رسول الله قد سمعت والله تسليمك ، ولكن أردت أن تزيدنا من سلامك ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا ، وقال : " أين أبو الهيثم ؟ ما أراه " قالت : هو قريب ، ذهب يستعذب [ ص: 211 ] لنا الماء ، ادخلوا ، فإنه يأتي الساعة إن شاء الله تعالى ، فبسطت لهم بساطا تحت شجرة ، فجاء أبو الهيثم وفرح بهم ، وقرت عينه بهم ، وصعد على نخلة فصرم عذقا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حسبك يا أبا الهيثم " . قال : يا رسول الله ، تأكلون من رطبه ومن بسره ومن تذنوبه ، ثم أتاهم بماء فشربوا عليه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هذا من النعيم الذي تسألون عنه " . وقامت أم الهيثم رضي الله عنها تعجن لهم وتخبز ، ووضع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رؤوسهم للقائلة ، فانتبهوا وقد أدرك طعامهم ، فوضع الطعام بين أيديهم فأكلوا وشبعوا ، وحمدوا الله تعالى ، وردت عليهم أم الهيثم رضي الله عنها بقية العذق ، فأكلوا من رطبه ومن تذنوبه ، فسلم عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا لهم .

                                                                                        [ ص: 212 ] [ ص: 213 ] [ ص: 214 ] [ ص: 215 ] [ ص: 216 ] [ ص: 217 ]

                                                                                        3153 \ 2 - وقال البزار : حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، ثنا أبو خلف عبد الله بن عيسى ، فذكره بتمامه ، إلا أنه قال : حتى أتينا منزل مالك بن التيهان أبي الهيثم الأنصاري رضي الله عنه ، وزاد في آخره : ثم دعا لهم بخير ، ثم قال صلى الله عليه وسلم لأبي الهيثم : إذا بلغك أن قد أتانا رقيق فأتنا ، قال أبو الهيثم رضي الله عنه : فلما بلغني أنه أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم برقيق ، أتيت المدينة ، فأعطاني رأسا فكاتبته على أربعين ألف درهم ، فما رأيت رأسا كان أعظم بركة منه .

                                                                                        قال عبد الله بن عيسى : فحدثت به إسماعيل بن مسلم المكي ، فحدثني بنحوه ، وزاد فيه : قالت له أم الهيثم : لو دعوت لنا ؟ قال صلى الله عليه وسلم : أفطر عندكم الصائمون ، وأكل طعامكم الأبرار ، وصلت عليكم الملائكة
                                                                                        .

                                                                                        [ ص: 218 ] [ ص: 219 ] [ ص: 220 ] [ ص: 221 ] [ ص: 222 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية