فأصبح صوت بمكة عاليا ، يسمعون ولا يدرون من صاحبه ؟ وهو يقول :
[ ص: 1501 ]
جزى الله رب الناس خير جزائه رفيقين حلا خيمتي أم معبد
هما نزلاها بالهدى ، فاهتدت به
فقد فاز من أمسى رفيق محمد
فيا لقصي ، ما زوى الله عنكم
به من فعال لا تجازى وسؤدد
ليهن بني كعب مقام فتاتهم
ومقعدها للمؤمنين بمرصد
سلوا أختكم عن شاتها وإنائها
فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد
دعاها بشاة حائل فتحلبت
عليها صريحا ضرة الشاة مزبد
فغادرها رهنا لديها لحالب
يرددها في مصدر ثم مورد
قال : فلما سمع حسان بن ثابت الأنصاري [ رضي الله عنه ] شاعر النبي صلى الله عليه وسلم ، بهتف الهاتف ، شبب يجاوب الهاتف ، وهو يقول :
لقد خاب قوم زال عنهم نبيهم وقدس من يسري إليهم ويغتدي
[ ص: 1502 ]
ترحل عن قوم ، فضلت عقولهم وحل على قوم بنور مجدد
هداهم به بعد الضلالة ربهم وأرشدهم ، من يتبع الحق يرشد
وهل يستوي ضلال قوم تسفهوا عمايتهم هاد به كل مهتد
وقد نزلت منه على أهل يثرب ركاب هدى ، حلت عليهم بأسعد
نبي يرى ما لا يرى الناس حوله ويتلو كتاب الله في كل مسجد
وإن قال في يوم مقالة غائب فتصديقها في اليوم أو في ضحى الغد
ليهن سعادة جده بصحبته ، من يسعد الله يسعد أبا بكر
ليهن بني كعب مقام فتاتهم ومقعدها للمؤمنين بمرصد
قال مكرم : معنى قولها : ( يربض الرهط ) : يرويهم ، و( العازب ) : الغائب عن أهله ، و( الحيال ) : التي قد مر لها حول وليس بها لبن ، ولم يقربها فحل ، وقوله : ( ثم أراضوا ) : أراحوا ، و( الصعل ) : هو اللون الحسن .
و( الوسيم ) : الصبيح ، و( القسيم ) : النصف ، و( الصحل ) : صحة [ ص: 1503 ] الصوت وصلابته . و( السطع ) : طول العنق . و( الكثاثة ) : الغلظ ، و( أزج ) : طويل الحاجبين ، و( الأقرن ) : المستجمع شعر الحاجبين ، و( النزر ) : القليل ، و( الهذر ) : الذي يهذر بالكلام كثرة .