111 - وحدثنا أيضا ، قال : حدثنا [ ص: 432 ] عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا محمد بن الصباح الجرجرائي ، كثير بن مروان الفلسطيني ، عبد الله بن يزيد الدمشقي ، قال : حدثني أبو الدرداء وأبو أمامة ، وواثلة بن الأسقع ، قالوا : خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نتمارى في شيء من الدين ، فغضب غضبا شديدا لم يغضب مثله ، ثم انتهرنا فقال : " يا أمة وأنس بن مالك ، محمد لا تهيجوا على أنفسكم وهج النار ، ثم قال : أبهذا أمرتم ؟ أو ليس عن هذا نهيتم ؟ أو ليس إنما هلك من كان قبلكم [ ص: 433 ] بهذا ؟ ثم قال : ذروا المراء لقلة خيره ، ذروا المراء فإن نفعه قليل ، ويهيج العداوة بين الإخوان ، ذروا المراء فإن المراء لا تؤمن فتنته ، ذروا المراء فإن المراء يورث الشك ، ويحبط العمل ، ذروا المراء فإن المؤمن لا يماري ، ذروا المراء فإن المماري قد تمت حسراته ، ذروا المراء فكفى بك إثما لا تزال مماريا ، ذروا المراء فإن المماري لا أشفع له يوم القيامة ، ذروا المراء فأنا زعيم بثلاثة أبيات في الجنة ؛ في وسطها ورباضها وأعلاها لمن ترك المراء وهو صادق ، ذروا المراء فإن أول ما نهاني ربي - تعالى - عنه بعد عبادة الأوثان وشرب الخمر : المراء ، ذروا المراء فإن الشيطان قد أيس أن يعبد ، ولكنه قد رضي منك بالتحريش ؛ وهو المراء في الدين ، ذروا المراء فإن بني إسرائيل افترقوا على إحدى وسبعين فرقة ، والنصارى على اثنتين وسبعين فرقة ، وإن أمتي ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة ؛ كلها على الضلالة إلا السواد الأعظم . قالوا : يا رسول الله ! ما السواد الأعظم ؟ قال : من كان على ما أنا عليه وأصحابي ، من لم يمار في دين الله تعالى ، ولم يكفر أحدا من أهل التوحيد بذنب . . " عن وذكر الحديث .
قال محمد بن الحسين :
[ ص: 434 ] لما سمع هذا أهل العلم ؛ من التابعين ومن بعدهم من أئمة المسلمين لم يماروا في الدين ، ولم يجادلوا ، وحذروا المسلمين المراء والجدال ، وأمروهم بالأخذ بالسنن ، وبما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم ، وهذا طريق أهل الحق ممن وفقه الله تعالى .
وسنذكر عنهم ما دل على ما قلنا ، إن شاء الله .