128 - باب ذكر صبر رضي الله عنه في ذات الله عز وجل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محبة لله تعالى ولرسوله يريد بذلك وجه الله عز وجل أبي بكر
1287 - أخبرنا ، قال : حدثنا الفريابي ، قال : حدثنا الحسن بن الصباح ، عن محمد بن كثير ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عروة رضي الله عنها ؛ قالت : " لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين ، ولم يأت علينا يوم إلا ورسول الله صلى الله عليه وسلم يأتينا طرفي النهار غدوة وعشية ، فلما ابتلي المسلمون ، عائشة مهاجرا قبل أرض أبو بكر الحبشة ، حتى إذا بلغ برك الغماد لقيه ابن الدغنة وهو سيد [ ص: 1825 ] القارة فقال : أين تريد يا ؟ قال : أخرجني قومي ، فأريد أن أسيح في الأرض ، فأعبد ربي عز وجل . أبا بكر
قال : فإنك لا تخرج ولا يخرج مثلك ، أنت تكسب المعدم ، وتصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق ، فارجع فاعبد ربك ببلدك فأنا لك جار . خرج
فارتحل ابن الدغنة ومعه أبو بكر حتى أتى كفار قريش ، فقال : إن لا يخرج ولا يخرج ، أتخرجون رجلا يكسب المعدوم ، ويصل الرحم ، ويحمل الكل ، ويقري الضيف ، ويعين على نوائب الحق ، فأنفذت أبا بكر قريش جوار ابن الدغنة ، فقالوا : مر فليعبد ربه في داره ، ويفعل فيها ما شاء ، ولا يعلن القراءة ولا الصلاة ، فإنا نخشى أن يفتن نساءنا وأبناءنا . أبا بكر
قالت [ رضي الله عنها ] : فأتى عائشة ابن الدغنة ، فقال له ذلك ، فلبث أبا بكر رضي الله عنه على ذلك ما شاء الله ، ثم بدا له ، فابتنى مسجدا بفناء داره ، فكان يصلي فيه ، فتتقصف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون منه وينظرون إليه ، وكان أبو بكر رضي الله عنه بكاء ، لا يملك دمعه إذا قرأ القرآن ، فأفزع ذلك كفار أبو بكر قريش ، فأرسلوا إلى ابن الدغنة فقدم عليهم فقالوا : إنا كنا أجرنا على أن يعبد ربه في داره ، وإنه قد جاوز ذلك ، وابتنى مسجدا بفناء داره ، وأعلن القراءة ، وإنا قد خشينا أن يفتن نساءنا ، فإن أحب أن [ ص: 1826 ] يقتصر على ذلك فليفعل ، وإن أبي فاسأله أن يرد عليك ذمتك ، فإنا كرهنا أن نخفرك ، ولسنا نقر أبا بكر الاستعلان . لأبي بكر
فأتاه ابن الدغنة فقال : يا قد علمت الذي عقدت لك عليه ، فإما أن تقتصر عليه ، وإما أن ترجع إلي ذمتي ، فإني لا أحب أن تسمع العرب أنى أخفرت في عقد رجل عقدت له . فقال أبا بكر فإني أرد إليك جوارك وأرضى بجوار الله عز وجل ورسوله ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ أبو بكر : بمكة .
1288 - حدثنا قال : حدثنا أبو أحمد هارون بن يوسف ، ، قال : حدثنا ابن أبي عمر ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، عن معمر قال : أخبرني الزهري ، عن عروة رحمها الله قالت : لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين . . . وذكر الحديث مثله إلى آخره . عائشة