ذكر رضي الله عنه ، وأعاذ الله الكريم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتله عثمان مسير الجيش الذين أشقاهم الله عز وجل بقتل
1460 - حدثنا أبو بكر بن سيف السجستاني ، قال : حدثنا السري بن يحيى ، قال : حدثنا شعيب بن إبراهيم ، قال : حدثنا سيف بن عمر ، عن أبي حارثة ، والي عثمان ، ومحمد ، وطلحة بن الأعلم قالوا : وكتب رضي الله عنه إلى الناس بالذي كان ، وبكل ما صبر عليه من الناس إلى ذلك اليوم كتابا : عثمان بن عفان
"بسم الله الرحمن الرحيم
إلى المؤمنين والمسلمين ؛ سلام عليكم ، أما بعد ؛
فإني أذكركم الله عز وجل الذي أنعم عليكم ، وعلمكم الإسلام ، وهداكم من الضلالة ، وأنقذكم من الكفر ، وأراكم من البينات ، ونصركم على الأعداء ، ووسع عليكم في الرزق ، وأسبغ عليكم نعمته ، فإن الله عز وجل قال : ( وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار ) . . . [ ص: 1990 ]
قال رحمه الله : محمد بن الحسين
ثم أمرهم بالطاعة ، ونهاهم عن الفرقة ، وقرأ عليهم به كل آية أمر الله عز وجل فيها بالطاعة ، ونهاهم عن الفرقة .
وكتب كتابا آخر :
أما بعد : فإن الله عز وجل رضي لكم السمع والطاعة ، وكره لكم المعصية والفرقة والاختلاف ، وقد أنبأكم فعل الذين من قبلكم ، وتقدم إليكم فيه لتكون له الحجة عليكم إن عصيتموه ، فاقبلوا نصيحة الله عز وجل ، واحذروا عذابه ، فإنكم لن تجدوا أمة هلكت إلا من بعد أن تختلف ، فلا يكون لها إمام يجمعها ، ومتى ما تفعلوا ذلك لم تقم الصلاة جميعا ، وسلط عليكم عدوكم ، ويستحل بعضكم حرم بعض ، ومتى ما تفعلوا ذلك تفرقوا دينكم ، وتكونوا شيعا ، وقد قال الله عز وجل ( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون ) وإني أوصيكم بما أوصاكم الله عز وجل به ، وأحذركم عذابه ، فإن القرآن نزل يعتبر به ، وينتهى إليه ، أو لا ترون إلى شعيب عليه السلام قال : لقومه ( ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد * واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود ) .
وكتب بكتاب آخر :
أما بعد : فإن أقواما ممن كان يقول في هذا الحديث أظهروا للناس إنما [ ص: 1991 ] يدعون إلى كتاب الله عز وجل والحق ، ولا يريدون شرا ولا منازعة فيها ، فلما عرض عليهم الحق إذا الناس في ذلك شتى ، منهم آخذ للحق ونازع عنه من يعطاه ، ومنهم تارك للحق رغبة في الأمر يريدون أن يبتزوه بغير الحق ، وقد طال عليهم عمري ، وزاد عليهم أملهم في الأمور ، واستعجلوا القدر . . .وذكر الحديث .
قالوا : حتى إذا دخل شوال من سنة ثنتي عشرة ضربوا كالحاج ، فنزلوا قرب المدينة في شوال ، سنة خمس وثلاثين ، خرج أهل مصر في أربعة رفاق على أربعة أمراء ، المقلل يقول : ستمائة ، والمكثر يقول : ألف ، وخرج أهل الكوفة في أربعة رفاق ، وخرج أهل البصرة في أربعة رفاق .
قالوا : فأما أهل مصر فإنهم كانوا يشتهون عليا رضي الله عنه ، وأما أهل البصرة فكانوا يشتهون طلحة ، وأما أهل الكوفة فإنهم كانوا يشتهون الزبير .
قال رحمه الله : محمد بن الحسين
وقد برأ الله عز وجل رضي الله عنه ، علي بن أبي طالب وطلحة ، رضي الله عنهم ، من هذه الفرق ، وإنما أظهروا ليموهوا على الناس وليوقعوا الفتنة بين الصحابة ، وقد أعاذ الله الكريم الصحابة من ذلك . والزبير
ثم عدنا إلى الحديث قالوا : فخرجوا وهم على الخروج جميعا في الناس شتى ، لا تشك كل فرقة إلا أن الفلج معها ، وإن أمرها سيتم دون الأخرى ، فخرجوا حتى إذا كانوا من المدينة على ثلاث ، تقدم أناس من أهل البصرة فنزلوا ذا خشب ، وأناس من أهل الكوفة فنزلوا الأعوص ، وجاءهم ناس من أهل مصر ، [ ص: 1992 ] ونزل عامتهم بذي المروة ، ومشى فيما بين أهل مصر وأهل البصرة زياد بن النضر وعبد الله بن الأصم وقالوا : لا تعجلوا ولا تعجلونا حتى ندخل لكم المدينة ونرتاد ، فإنه قد بلغنا أنهم قد عسكروا لنا ، فوالله إن كان أهل المدينة قد خافونا : استحلوا قتالنا ولم يعلموا علمنا لهم علينا إذا علموا علمنا أشد ، أن أمرنا هو الباطل ، وإن لم يستحلوا قتالنا ووجدنا الذي بلغنا باطلا لنرجعن إليكم الخبر .
قالوا : اذهبوا فدخل الرجلان فأتوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وعلي بن أبي طالب وطلحة رضي الله عنهم ، وقالوا : إنما نؤم هذا البيت ونستعفي هذا الوالي من بعض عمالنا ، ما جئنا إلا لذلك ، واستأذنوهم للناس بالدخول ، فكلهم أبى ونهى ، فرجعا إليهم ، فاجتمع من أهل والزبير مصر نفر فأتوا رضي الله عنه ، ومن أهل عليا البصرة نفر فأتوا رضي الله عنه ، ومن أهل طلحة الكوفة نفر فأتوا الزبير رضي الله عنه ، وقال كل فريق منهم : إن بايعنا صاحبنا وإلا كدناهم ، وفرقنا جماعتهم ، ثم كررنا حتى نبغتهم ، فأتى المصريون رضي الله عنه في عسكر عند أحجار عليا الزبير ، عليه حلة معتم شقيقة حمراء يمانية متقلدا بالسيف ليس عليه قميص ، وقد سرح رضي الله عنه إلى الحسن رضي الله عنه ، فيمن اجتمع إليه ، عثمان فالحسن جالس عند رضي الله عنه ، عثمان رضي الله عنه عند أحجار وعلي الزبير ، فسلم عليه المصريون وعرضوا له ، فصاح بهم واطردهم ، وقال : لقد علم الصالحون أن جيش ذي المروة ، وذي خشب ، والأعوص ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم فارجعوا ، لا صحبكم الله .
قالوا : نعم ؛ فانصرفوا من عنده على ذلك . [ ص: 1993 ]
وأتى البصريون وهو في جماعة أخرى إلى جنب طلحة وقد أرسل بنيه إلى علي ، فسلم البصريون عليه وعرضوا به ، فصاح بهم : واطردهم وقال : لقد علم المؤمنون أن جيش عثمان ، ذي المروة ، وذي خشب ، والأعوص ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم .وأتى الكوفيون الزبير وهو في جماعة أخرى ، وقد سرح عبد الله - يعني ابنه - إلى فسلموا عليه وعرضوا له ، فصاح بهم ، وقال : لقد علم المسلمون أن جيش ذي عثمان ، المروة وذي خشب والأعوص ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم .
فخرج القوم ، وأروهم أنهم يرجعون ، فانقشوا عن ذي خشب والأعوص حتى انتهوا إلى عساكرهم ، وهي على ثلاث مراحل كي يتفرق أهل المدينة ، فافترق أهل المدينة لخروجهم ، فلما بلغ القوم عساكرهم كروا بهم فلم يفجأ أهل المدينة إلا والتكبير في نواحي المدينة ، فنزلوا في عساكرهم وأحاطوا بعثمان رضي الله عنه ، فما فارقوا حتى قتلوه .
قال رحمه الله : محمد بن الحسين
والقصص تطول كيف قتلوه ظلما ، وقد جهد الصحابة وأبناء الصحابة رضي الله عنهم أن لا يكون ما جرى عليه ، ولقد رضي الله عنه فقتلوه ، لما نظروا إلى اجتهاد الصحابة وأمانيهم في ألا يقتل عثمان قالوا لهم : لولا أن تكونوا حجة علينا لقتلناكم بعده . عثمان قال هؤلاء النفر الأشقياء الذين ساروا إلى
[ ص: 1994 ]