ذكر كتاب القاضي إلى القاضي
أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم على أن القاضي إذا كتب إلى (قاض) آخر بقضية قضى بها على ما يجب ببينة عادلة، وقرأ الكتاب على شاهدين وأشهدهما على ما فيه، فوصل الكتاب إلى القاضي المكتوب إليه وشهد الشاهدان عنده بما في الكتاب؛ على المكتوب إليه قبول كتابه إذا كان ذلك في غير حد .
واختلفوا فيه إن بعث بالكتاب معهما مختوما ولم يعرفهما ما فيه ولا قرأه عليهما، فقالت طائفة: يتقبله وإن لم يقرأه عليهما ويعرفهما ما فيه. هذا مذهب فيما ذكره مالك بن أنس أشهب عنه، وحكى عنه أنه قال: لا ينبغي أن يجاز اليوم كتاب قاض إلى قاض حتى يكون مع الكتاب رجلان يشهدان أن القاضي أشهدهما على ما فيه . ابن وهب
وقد روينا عن قضاة البصرة : الحسن البصري وسوار وعبيد الله بن الحسن ومعاذ والأنصاري أنهم رأوا قبول كتاب قاض إلى قاض، وقال هشيم إنما أتيت [بكتاب] من ابن أبي ليلى أبي شيبة في حق كان لنا فقبل الكتاب، ولم يسألني عليه بينة، وكتب لي بحقنا ذلك إلى الشام . [ ص: 569 ]
وقالت طائفة: وقال: اشهدا على أن هذا كتابي إلى فلان بن فلان. فإذا شهدا على هذا قبله، فإن لم يشهدا على هذا أو لم يزيدا على أن يقولا هذا خاتمه هذا كتابه لم يقبله. هذا قول يقبل كتاب القاضي إلى القاضي، ولا يقبل إلا بشاهدين عدلين يقرأه عليهما ويشهدان على ما فيه، ، وقال الشافعي النعمان : لا يقبل حتى يشهد شاهدا عدل على خاتم القاضي وعلى ما في الكتاب كله، لأنه حق وهو مثل شهادة على شهادة. ورجع يعقوب إلى هذا القول فقال: لا يقبل الكتاب حتى يشهد الشهود أنه قرأه عليهم وأعطاهم نسخة معهم يحضرونها هذا القاضي مع كتاب القاضي. وقال نحوا مما قال هؤلاء . أبو ثور