باب الأدهان المطيبة
واختلفوا في وذلك مثل: دهن الخيري، والبنفسج، والزنبق، والورد . بيع الأدهان المطيبة المختلفة الأسماء بعضها ببعض متفاضلا،
فقالت طائفة: لا بأس بالتفاضل فيها، وذلك أن يباع دهن البنفسج بالزنبق، ودهن البنفسج بدهن الورد، ولا يجوز بيع دهن الورد بدهن الورد إلا مثلا بمثل، وجعلوا ذلك أصنافا، وإن كان أصولها السمسم .
هذا قول وبه قال أبي ثور، قال: لا بأس بالزنبق بالبنفسج القليل بالكثير يدا بيد، وقال مالك، لا يجوز بيع الزنبق بالزيت ولا الجلجلان بدهن الجلجلان ولا حب البان بالسليخة قال: وذلك مخاطرة، لأن الذي يخرج من حب البان هو السليخة . [ ص: 214 ] مالك:
قال ثم ترك ذلك فقال: لا بأس بحب البان بالبان المطيب . أبو بكر:
ولا فرق بين هذا وبين المسألة التي قبلها، لأن ذلك الدهن قائم بعينه، وإن طيب بغيره .
وكان يقول: لا بأس بالزيتون بالزيت، والدهن بالسمسم، والعصير بالعنب، واللبن بالسمن، وذلك أن السمن مختلف والمعنى مختلف، وإنما القياس على المعاني، لأن رجلا لو حلف لا يأكل عصيرا فأكل عنبا لم يحنث، ولو حلف أن لا يأكل دقيقا فشرب سويقا أو أكل حنطة لم يحنث، وقالت طائفة: ما كان أصله السمسم فلا يصلح أن يباع بعضه ببعض إلا مثلا بمثل يدا بيد، والمنشوش منه وغير المنشوش سواء، فلا يجوز مطبوخ منه بنيء، هذا قول أبو ثور . الشافعي
وقد حكي عن النعمان أنه قال: لا يجوز ولا الجلجلان بدهنه، إلا أن يعلم يقينا أن ما في الزيتون من الزيت أقل مما أعطى من الزيت، فيكون زيت بزيت ويكون الفضل بالثفل . بيع الزيتون بالزيت،
قال كقول أبو بكر: أقول، وذلك أن الأدهان قائمة وإنما تغير منها الرائحة، وليس للريح حكم، كما لا حكم لألوان الطعام والتمور، ولا يصلح بيع ذلك - وإن اختلفت الألوان - إلا سواء بسواء، وكذلك اختلاف الريح في الأدهان لا يصلح أن يباع منها شيء بغيره لاختلاف الريح فيه، لأن أصله واحد، فإذا كانوا قد أجمعوا - إلا من شذ عنهم - [ ص: 215 ] قبل حدوث الرائحة فيه: أن بعضه لا يجوز ببعض متفاضلا، ثم اختلفوا بعد حدوث الرائحة فيه، فهو على أصل التحريم حتى تأتي دلالة توجب الفرق بينهما. ولما كان حكم هذا السمسم عندهم قبل أن يطحن: لا يجوز بيع صاع منه بصاعين، وكذلك في حال طحن السمسم لا يجوز مثل رطل برطلين، وجب أن يحكم لدهنه بعد العصر كالحكم فيه قبل العصر، والله أعلم . الشافعي