باب الجارية يغتصبها الرجل فيزيد ثمنها عند الغاصب أو ينقص ثم تتلف في يد الغاصب
قال أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من غصب جارية صغيرة فكبرت، أو [مهزولة فسمنت] ، أو مريضة فبرئت، أو كانت تساوي (ألفا) [فزادت] قيمتها فجاء المغصوب والجارية في يد الغاصب أن عليه دفعها إلى المغصوب ولا شيء [عليه] [فيما نمت به] أو أنفق (عليها) ، واختلفوا فيه إن زادت قيمتها و[تلفت] في يد الغاصب . أبو بكر:
فقالت طائفة: إذا غصب الرجل جارية تساوي مائة دينار فزادت في يديه بتعليم منه وبسمن واغتذاء (من ماله) حتى صارت تساوي ألفا فتلفت فلم تدرك [بعينها] كانت على الغاصب قيمتها في أكثر ما كانت (قيمته) منذ غصبت إلى أن هلكت. هذا قول وبه قال الشافعي، أبو ثور.
وفيه قول ثان: أن عليه إذا ماتت الجارية قيمتها يوم غصبها. هذا قول [ ص: 18 ] وأصحاب الرأي، ومن حجة مالك بن أنس أن الغاصب لم يكن غاصبا ولا ضامنا في حال دون حال لم يزل غاصبا ضامنا يوم غصب [الجارية] إلى أن (ماتت) أو ردها ناقصة، فلم يكن الحكم عليه في الحال الأول بأوجب منه في الحالة الثانية، ولا في الحالة الثالثة بأوجب منه في الحالة الآخرة، لأن عليه في كلها أن يكون رادا لها وهو في كلها [ضامن غاصب] ، فلما كان للمغصوب أن يغصبها قيمة مائة فيدركها قيمة ألف [فيأخذها] ويدركها ولها عشرون ولدا فيأخذها وأولادها كان الحكم في زيادتها في بدنها (كالحكم) في بدنها حين غصبها تملك منها زائدة بنفسها وولدها ما ملك منها ناقصة حين غصبها . الشافعي
(ولا فرق) بين أن يقتلها وولدها وتموت هي وولدها في يديه من قبل [أنه] إذا كان كما وصفت يملك ولدها كما يملكها، ولا يختلف [ ص: 19 ] أحد علمته في أنه لو غصب رجل جارية فماتت في يديه موتا أو قتلها قتلا ضمنها في الحالين جميعا .
كذلك واختلفوا في الجارية يغصبها الرجل فتنقص قيمتها في يديه، ثم يدركها المغصوب، فكان يقول: يأخذها وما نقصها عند الغاصب، وبه قال الشافعي وأصحاب الرأي . أبو ثور
وقال في رجل غصب رجلا جارية شابة فكبرت عنده حتى صارت عجوزا فيأتي المغصوب، قال: الهرم فوت وله القيمة . مالك
قال لأنه لو غصبها فأصابها عند الغاصب عيب مفسد كان لربها أن يضمنه جميع قيمتها يوم غصبها عند (ابن) القاسم: وكذلك الهرم وهو بمنزلة العيب [المفسد] . مالك،
وقيل (لابن) القاسم: أرأيت إن قطع الغاصب يدها أيكون لربها أن يضمنه ما نقصها القطع ويأخذ جاريته في قول مالك؟ قال: نعم، لأن قطعه يدها جناية منه قلت: فإن كان الذي قطع يدها أجنبي من الناس فهرب، فلم يقدر عليه فأتى ربها واستحقها، أيكون له أن يأخذ [ ص: 20 ] جاريته ويضمن الغاصب ما نقصها؟ قال: لا، ليس له أن يأخذ (إلا) جاريته ويتبع الجاني إن أحب [أو] يأخذ قيمتها يوم غصبها ليس له غير ذلك .
قال وقد أجمع أبو بكر: مالك وأصحاب الرأي والشافعي على أن الرجل إذا غصب رجلا جارية تساوي ألف درهم فغلا الرقيق فساويت في وقت الغلاء ألفي درهم، ثم رجعت الأسواق على حالها يوم غصبها ولم (تنقص) الجارية في نفسها، هي على حالها أن المغصوب يأخذها ولا شيء على الغاصب فيما ذكرناه من زيادة السوق، والجواب في نقصان قيمتها لتغير السعر كالجواب في الزيادة . وأبو ثور
وبه نقول .