باب ما يجزئ من الرقاب في الكفارة.
2365 - أخبرنا أبو الحسن الشيرزي، أنا أنا زاهر بن أحمد، أنا أبو إسحاق الهاشمي، عن أبو مصعب، عن مالك، عن هلال بن أسامة، عطاء بن يسار، عمر بن الحكم، أنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، إن جارية لي كانت ترعى غنما لي، فجئتها، ففقدت شاة من الغنم، فسألتها عنها، فقالت: أكلها الذئب، فأسفت عليها، وكنت من بني آدم، فلطمت وجهها، وعلي رقبة، أفأعتقها؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أين الله؟" فقالت: في السماء، قال: "من أنا"، قالت: أنت رسول الله.
قال: "أعتقها".
قال عمر: يا رسول الله، أشياء كنا نصنعها في الجاهلية كنا نأتي الكهان؟، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تأتوا الكهان".
قال: وكنا نتطير، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما ذلك شيء يجده أحدكم في نفسه، فلا يصدنكم". [ ص: 247 ] . عن
هذا حديث صحيح، أخرجه عن مسلم، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن حجاج الصواف، عن يحيى بن أبي كثير، عن هلال بن أبي ميمونة، وقال: عن عطاء بن يسار، معاوية بن الحكم، وهو الصواب، وأبو ميمونة اسمه أسامة.
وقوله : أسفت عليها .
أي : غضبت ، والأسف : الغضب ، قال الله سبحانه وتعالى : ( فلما آسفونا انتقمنا منهم ) ، أي : أغضبونا ، وقال : ( فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا ) ، أي : شديد الغضب .
قال الإمام رحمه الله : فيه دليل على أن شرط الرقبة في جميع الكفارات أن تكون مؤمنة ، لأن الرجل لما قال : علي رقبة ، أفأعتقها ؟ لم يطلق له النبي صلى الله عليه وسلم الجواب بإعتاقها حتى امتحنها بالإيمان ، ولم يسأل عن جهة وجوبها ، فثبت أن جميع الكفارات فيها سواء ، وهو مذهب أكثر أهل العلم ، وإليه ذهب مالك ، والأوزاعي ، والشافعي ، [ ص: 248 ] . وأبو عبيد .
وذهب بعضهم إلى أنه يجوز إعتاق الكافرة في جميع الكفارات إلا في كفارة القتل ، حكي ذلك عن وهو قول عطاء ، الثوري ، وأصحاب الرأي ، واتفقوا على أنه لا يجزئ المرتد ، وقد شرط الله الإيمان في رقبة القتل ، وأطلق ذكر الرقبة في غيره ، فوجب أن يحمل المطلق على المقيد ، كما قيد الشهادة بالعدالة في موضع ، فقال عز وجل : ( وأشهدوا ذوي عدل منكم ) ، وأطلق في موضع ، ثم الكل سواء في كون العدالة شرطا فيه .
واختلف قول فيمن نذر إعتاق رقبة مطلقا ، فهل يخرج عنه بإعتاق رقبة كافرة أم لا ؟ قال الإمام : أقربها إلى الاحتياط وأشبهها بظاهر الحديث ، أن لا يجوز . الشافعي
ويجوز إعتاق الصغير عن الكفارة إذا كان أحد أبويه مسلما ، أو كان قد سباه مسلم ، لأنه محكوم بإسلامه تبعا للأبوين أو للسابي ، وشرطه أن يكون سليم الرق ، سليم البدن ، عن عيب يضر بالعمل ضررا بينا حتى لا يجوز أن يعتق عن كفارته مكاتبا ، ولا أم ولد ، ولا عبدا اشتراه بشرط العتق ، ولو اشترى قريبه الذي يعتق عليه بنية الكفارة ، عتق عليه ، ولا يحوز عن الكفارة ، وجوز أصحاب الرأي المكاتب إذا لم يكن أدى شيئا من نجوم الكتابة ، وعتق القريب ، وجوزوا المدبر ، وجوز أم الولد ، ولم يجوزها الأكثرون ، ويجوز الأعور ، والأعرج ، والأبرص ، ومقطوع الأذن ، والأنف ، والخصي ، والمجبوب ، والأخرس الذي يعقل الإشارة ، لأن هذه العيوب لا تخل بالعمل خللا بينا ، ولا يجوز الأعمى ، ولا المجنون ، ولا المريض الذي لا يرجى زوال مرضه ، ولا مقطوع [ ص: 249 ] إحدى اليدين ، أو إحدى الرجلين ، ولا مقطوع إبهام ، أو سبابة ، أو وسطى ، من إحدى اليدين ، ويجوز مقطوع الخنصر ، والبنصر ، فإن كان مقطوعهما لا يجوز ، وجوز طاوس أصحاب الرأي مقطوع إحدى اليدين ، أو إحدى الرجلين ، ولم يجوزوا مقطوع الأذنين ، ولا الأصم ، ولا الأخرس ، لفوات جنس من المنفعة على الكمال ، ويجوز إعتاق ولد الزنى عن الكفارة عند الأكثرين .
سئل فقال : يجزئه ، وقال أبو هريرة ، الزهري ، لا يجوز ، لما روي والأوزاعي : عن عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " ولد الزنا شر الثلاثة" . أبي هريرة ، [ ص: 250 ] .
واختلفوا في تأويل هذا الحديث قيل : إنما قال ذلك في رجل بعينه كان موسوما بالشر ، وروي أن كان إذا قيل له : ولد الزنا شر الثلاثة ، قال : بل هو خير الثلاثة . ابن عمر
وقيل معنى قوله : " شر الثلاثة" أصلا ونسبا ، لأنه خلق من ماء خبيث ، ولا يؤمن أن يؤثر ذلك فيه ، ويدب في عروقه ، فيحمله على الشر .
وقول هو خير الثلاثة ، فوجهه أنه لا إثم له في الذنب الذي باشره الزانيان ، فهو خير منهما لبراءته من الذنب . ابن عمر